الحديث فكنا ننصرف عنهم ولم يغرق (1) منا من غرق؟.
قال الشيخ: قد أخبرتكم ونصحت لكم، وقلت لكم: انصرفوا عنهم فليس لكم الوصول إليهم، وفيهم رجل من ولد عبد المطلب، وقلتم: إني قد خرفت وذهب عقلي، فلما سمع أبي هذا الكلام من الشيخ وهو يحدث أصحابه على رأس الخطة نظر إلى أبي طالب فقال: ويحك! أما تسمع ما يقول الشيخ؟.
قال: بلى يا خطاب! أنا والله في ذلك اليوم مع عبد الله في القافلة وأنا غلام صغير، وكان هذا الشيخ على قعود له، وكان شائكا لا يرى منه إلا حدقته، وكانت له جمة قد أرخاها عن يمينه وشماله.
فقال الشيخ: صدق والله كنت يومئذ على قعود علي ذؤابتان قد أرسلتهما عن يميني وشمالي. قال: الخطاب: فانصرفوا عنا.
فقال أبو طالب: ارتحلوا. فارتحلنا، فإذا لا جزيرة ولا بحر ولا ماء، وإذا نحن على الجادة والطريق الذي لم نزل نسلكه فسرنا وتخلصنا بسحر أبي طالب حتى وردنا الشام فرحين مستبشرين، وحلف الخطاب أنه مر بعد بذلك الموضع بعينه أكثر من عشرين مرة إلى الشام فلم ير جزيرة ولا بحرا ولا ماء، وحلفت قريش على ذلك، فهل هذا - يا سلمان - إلا سحر مستمر؟.
قال سلمان: قلت: والله ما أدري ما أقول لك إلا إنك تورد علي عجائب من أمر بني هاشم.
قال: نعم، يا أبا عبد الله! هم أهل بيت يتوارثون السحر كابرا عن كابر!.
قال سلمان: فقلت - وأنا أريد أن أقطع الحديث -: ما أرى أن هذا سحر.
قال: سبحان الله! يا أبا عبد الله! ترى كذب الخطاب وأصحابه، أتراك ما حدثتك به مما عاينته أنا بعيني كذب؟.
قال سلمان: فضحكت، فقلت: ويلك! إنك لم تكذب ولا كذب الخطاب