وقال البلاذري في تاريخه (1) أن فاطمة عليها السلام لم تر متبسمة (2) بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه [وآله]، ولم يعلم أبو بكر وعمر بموتها.
والامر في هذا أوضح وأظهر من أن يطنب في الاستشهاد عليه وذكر الروايات فيه.
فأما قوله: ولا يصح أنها دفنت ليلا، وإن صح فقد دفن فلان وفلان ليلا.. فقد بينا أن دفنها ليلا في الصحة كالشمس الطالعة، وان منكر ذلك كدافع المشاهدات، ولم نجعل دفنها ليلا بمجرده هو (3) الحجة فيقال: فقد دفن فلان وفلان ليلا، بل مع الاحتجاج بذلك على ما وردت به الروايات المستفيضة الظاهرة التي هي كالمتواتر أنها عليها السلام أوصت بأن تدفن ليلا حتى لا يصلي عليها الرجلان (4)، وصرحت بذلك، وعهدت فيه عهدا بعد أن كانا استأذنا عليها في مرضها ليعوداها، فأبت أن تأذن لهما، فلما طال عليهما المدافعة رغبا إلى أمير المؤمنين عليه السلام في أن يستأذن لهما، وجعلاها حاجة إليه، فكلمها أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك وألح عليها فأذنت لهما في الدخول، ثم أعرضت عنهما عند دخولهما ولم تكلمهما، فلما خرجا قالت لأمير المؤمنين عليه السلام: قد صنعت (5) ما أردت؟ قال: نعم. قالت: فهل أنت صانع ما آمرك؟ قال: نعم. قالت: فإني أنشدك الله أن لا يصليا على جنازتي، ولا يقوما على قبري.
وروي أنه عليه السلام عمى على قبرها ورش أربعين قبرا في البقيع ولم يرش على قبرها حتى لا يهتديا إليه، وأنهما عاتباه على (6) ترك إعلامهما بشأنها وإحضارهما