استشهاد أبي بكر مستند لأشار إليه كما هو الدأب في مقام الاحتجاج.
وأما هذه الرواية التي رواها ابن أبي الحديد، فمع أنها لا تدل على الاستشهاد في خلافة أبي بكر فلا تخلو من تحريف، لما عرفت من أن لفظ رواية أبي البختري - على ما رواه أبو داود، وحكاه في جامع الأصول -: ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: كل مال النبي صدقة، لا: أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله - كما رواه الجوهري - على أنه لا يقوم فيما تفردوا به من الاخبار حجة علينا، وإنما الاحتجاج بالمتفق عليه، أو ما اعترف به الخصم، والاستشهاد على الرواية لم يثبت عندنا لا في أيام أبي بكر ولا في زمن عمر.
ثم أورد السيد (1) رحمه الله على كلام صاحب المغني: بأنا لو سلمنا استشهاد من ذكر على الخبر لم يكن فيه حجة، لان الخبر على كل حال لا يخرج من أن يكون غير موجب للعلم، وهو في حكم أخبار الآحاد، وليس يجوز أن يرجع عن ظاهر القرآن بما يجري هذا المجرى، لان المعلوم لا يخص إلا بمعلوم..
قال: على أنه لو سلم لهم أن الخبر الواحد يعمل به في الشرع لاحتاجوا (2) إلى دليل مستأنف، على أنه يقبل في تخصيص القرآن، لان ما دل على العمل به في الجملة لا يتناول هذا الموضع، كما لا يتناول جواز النسخ به (3).
وتحقيق هاتين المسألتين من وظيفة أصول الفقه.
والثاني: ان رواة الخبر كانوا متهمين في الرواية بجلب النفع من حيث حل الصدقة عليهم - كما تقدم في القسم الأول - وما أجاب به شارح كشف الحق من الفرق بين الرواية والشهادة، وأن التهمة إنما تضر في الشهادة دون الرواية،