التنويه (1) والهيبة، ثم لم يمنعه ذلك أن قال - معتذرا أو متقربا، كلام المعظم لحقها، المكبر لقيامها (2)، والصائن لوجهها، والمتحنن عليها -: ما أحد أعز علي منك فقرا، ولا أحب إلي منك غنى، ولكن (3) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة!.
قيل لهم: ليس ذلك بدليل على البراءة من الظلم، والسلامة من الجور (4)، وقد يبلغ من مكر الظالم ودهاء الماكر إذا كان أريبا (5) وللخصومة معتادا أن يظهر كلام المظلوم وذلة المنتصف (6)، وجدة الوامق (7)، ومقة المحق، وكيف جعلتم ترك النكير حجة قاطعة، ودلالة واضحة؟! وقد زعمتم أن عمر قال على منبره: متعتان كان (8) على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله: متعة النساء ومتعة الحج، أنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما (9)، فما وجدتم أحدا أنكر قوله، ولا استشنع مخرج نهيه، ولا خطأه في معناه، ولا تعجب منه ولا استفهمه!.