وقد أجاب أبو عثمان الجاحظ (1) في كتاب العباسية (2) عن هذا السؤال جوابا جيد المعنى واللفظ، نحن نذكره على وجهه ليقابل بينه وبين كلامه في العثمانية وغيرها، قال: وقد زعم ناس أن الدليل على صدق خبرهما - يعني أبا بكر وعمر - في منع الميراث وبراءة ساحتهما ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم النكير عليهما، ثم قال: فيقال لهم (3): لئن كان ترك النكير دليلا على صدقهما ليكونن ترك النكير على المتظلمين منهما والمحتجبين عليهما والمطالبين لهما بدليل (4) دليلا على صدق دعواهم، واستحسان (5) مقالتهم، لا سيما وقد طالت المشاحات (6)، وكثرت المراجعة والملاحات (7)، وظهرت الشكيمة (8)، واشتدت الموجدة، وقد بلغ ذلك من فاطمة عليها السلام حتى أنها أوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر، وقد كانت قالت له حين أتته طالبة بحقها، ومحتجة برهطها (9): من يرثك يا أبا بكر إذا مت؟ قال: أهلي وولدي. قالت: فما بالنا لا نرث النبي صلى الله عليه [وآله]؟! فلما منعها ميراثها، وبخسها حقها، واعتل
(٣٧٥)