هذا الامر يرتبان في الأعمال والبلاد القريبة والنائية (1) من الصحابة والمهاجرين والأنصار من لا يكاد يبلغ مرتبة علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ولا يقاربها، فلو اعتقداهم مثل بعض الولاة وسلما إليهم هذه الصدقة التي قامت النائرة في أخذها، وعرفاهم ما روياه وقالا لهم: أنتم أهل البيت وقد شهد الله لكم بالطهارة، وأذهب عنكم الرجس، وقد عرفناكم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا نورث (2)، وقد سلمناها إليكم، وشغلنا ذمكم بها، والله من وراء أفعالكم فيها، والله سبحانه بمرأى منكم (3) ومسمع، فاعملوا فيها بما يقربكم منه ويزلفكم عنده، فعلى هذا سلمناها إليكم وصرفناكم فيها، فإن فعلتم الواجب الذي أمرتم به وفعلتم فيها فعل رسول الله (ص) فقد أصبتم وأصبنا، وإن تعديتم الواجب وخالفتم ما حده رسول الله صلى الله عليه وآله فقد أخطأتم وأصبنا فإن الذي علينا الاجتهاد ولم نأل في اختياركم جهدا، وما علينا بعد بذل الجهد لائمة، وهذا الحديث من الانصاف كما يروى (4)، والله الموفق والمسدد.
وروي أن فاطمة عليها السلام جاءت إلى أبي بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت (5): يا أبا برك! من يرثك إذا مت؟ قال: أهلي وولدي، قالت: فمالي لا أرث رسول الله (ص)؟. قال: يا بنت رسول الله! إن النبي لا يورث، ولكن أنفق على من كان ينفق عليه رسول الله، وأعطي ما كان يعطيه.
قالت: والله لا أكلمك بكلمة ما حييت، فما كلمته حتى ماتت (6).