في حديث عروة: فلما رأى علي عليه السلام انصراف وجوه الناس عنه ضرع إلى مصالحة أبي بكر، فأرسل إلى (1) أبي بكر: ائتينا (2) ولا تأتنا معك بأحد، وكره أن يأتيه عمر لما علم من شدة عمر. فقال عمر: لا تأتهم وحدك. فقال أبو بكر: والله لاتينهم وحدي، ما عسى أن يصنعوا بي؟!. فانطلق أبو بكر فدخل على علي عليه السلام وقد جمع بني هاشم عنده، فقام علي فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فلم يمنعنا أن نبايعك يا أبا بكر إنكار لفضيلتك ولا نفاسة (3) عليك بخير ساقه الله إليك، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الامر حقا، فاستبددتم علينا.. ثم ذكر قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وحقهم..
فلم يزل علي عليه السلام يذكر حتى بكى أبو بكر وصمت علي، وتشهد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فوالله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله أحب إلي أن أصل من قرابتي، وإني والله ما لكأت (4) في هذه الأموال التي كانت بيني وبينكم عن الخير، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد (ص) في (5) هذا المال، وإني والله لا أدع أمرا صنعه رسول الله صلى الله عليه وآله إلا صنعته إن شاء الله، وقال علي: موعدك للبيعة العشية، فلما صلى أبو بكر الظهر أقبل على الناس يعذر عليا ببعض ما اعتذر به، ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر وذكر فضيلته وسابقته، ثم قام إلى أبي بكر فبايعه، فأقبل الناس على علي فقالوا: أصبت وأحسنت، وكان المسلمون إلى علي رضي الله عنه قريبا حين راجع الامر بالمعروف.. هذا آخر ما ذكره الحميدي.