عليه وتضليل الفرقة المخالفة لها في ذلك، وشهادتها عليها بأنها ليست على الحق.
فإن قال: إنه كان يجوز أن يكون في أول الاسلام كذلك وإن ذلك حكمة من الله وعدل فيهم. ركب خطأ عظيما، وما لا أرى أحدا من الخلق يقدم عليه.
فيقال له عند ذلك: فحدثنا إذا تهيأ للعرب الفصحاء أهل اللغة أن يتأولوا القرآن ويعمل كل واحد منهم بما يتأوله على اللغة العربية فكيف يصنع من لا يعرف اللغة من الناس؟ وكيف يصنع العجم من الترك والفرس؟ وإلى أي شئ يرجعون في علم ما فرض الله عليهم في كتابه؟ ومن أي الفرق يقبلون مع اختلاف الفرق في التأويل وإباحتك كل فرقة أن تعمل بتأويلها.
ولا بد لك من أن يجري (1) العجم ومن لا يفهم اللغة مجرى أصحاب اللغة من أن لهم أن يتبعوا أي الفرق شاؤوا، وإلا إن ألزمت من لا يفهم اللغة اتباع بعض الفرق دون بعض لزمك أن تجعل الحق كله في تلك الفرقة دون غيرها، فإن جعلت الحق في فرقة دون فرقة نقضت ما بنيت عليه كلامك واحتجت إلى أن يكون مع تلك الفرقة (2) علم وحجة تبين بها من غيرها، وليس هذا من قولك.
ولو جعلت الفرق كلها متساوية في الحق مع تناقض تأويلاتها، فيلزمك أيضا أن تجعل (3) للعجم ومن لا يفهم اللغة أن يتبعوا أي الفرق شاؤوا، وإذا فعلت ذلك لزمك في هذا الوقت أن لا يلزم أحدا من مخالفيك من الشيعة والخوارج وأصحاب التأويلات وجميع من خالفك ممن له فرقة ومن مبتدع لا فرقة له على مخالفتك ذما.
وهذا نقص (4) الاسلام، والخروج من الاجماع، ويقال لك: وما ينكر على هذا الاعطاء (5) أن يتعبد الله عز وجل الخلق بما في كتاب مطبق لا يمكن أحدا أن