فإن قلت: على القول باشتراط بقاء المشتق منه في صدق المشتق كيف يستقيم الاستدلال؟ قلت: لا ريب أن الظالم في الآية لا يحتمل الماضي والحال لان إبراهيم عليه السلام إنما سئل ذلك لذريته من بعده، فأجاب تعالى بعدم نيل العهد لمن يصدق عليه أنه ظالم بعده فكل من صدق عليه بعد مخاطبة الله لإبراهيم بهذا الخطاب أنه ظالم وصدر عنه الظلم في أي زمان من أزمنة المستقبل يشمله هذا الحكم أنه لا ينال العهد.
فان قلت: تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية.
قلت العلية لا تدل على المقارنة إذ ليس مفاد الحكم إلا أن عدم نيل العهد إنما هو للاتصاف بالظلم في أحد الأزمنة المستقبلة بالنسبة إلى صدور الحكم. فتأمل.
1 - الخصال، علل الشرائع، معاني الأخبار، أمالي الصدوق: ماجيلويه عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير قال: ما سمعت والا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي إياه شيئا أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الامام فإني سألته يوما عن الامام أهو معصوم؟ قال: نعم، قلت له: فما صفة العصمة فيه؟ وبأي شئ تعرف؟ قال: إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها: الحرص والحسد والغضب والشهوة، فهذه منتفية (1) عنه:
لا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا وهي تحت خاتمه، لأنه خازن المسلمين فعلى ماذا يحرص؟
ولا يجوز أن يكون حسودا لان الانسان إنما يحسد من هو فوقه وليس فوقه أحد، فكيف يحسد من هو دونه.
ولا يجوز أن يغضب لشئ من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله عز وجل فإن الله قد فرض عليه إقامة الحدود وأن لا تأخذه في الله لومة لائم ولا رأفة في دينه حتى يقيم حدود الله عز وجل.
ولا يجوز أن يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة، لان الله عز وجل حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا فهو ينظر إلى الآخرة، كما ننظر إلى الدنيا فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح؟ وطعاما طيبا لطعام مر؟ وثوبا لينا