فلما قدمت ركابنا المدينة أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وخلفت الركاب مع الحي فقلت: يا رسول الله ما من نبي إلا وكان له خليفتان: خليفة يموت قبله، وخليفة يبقى بعده، وكان خليفة موسى في حياته هارون عليه السلام فقبض قبل موسى، ثم كان وصيه بعد موته يوشع بن نون، وكان وصي عيسى عليه السلام في حياته كالب بن يوفنا فتوفي كالب في حياة عيسى، ووصيه بعد وفاته شمعون بن حمون الصفا ابن عمة مريم، وقد نظرت في الكتب الأولى فما وجدت لك إلا وصيا واحدا في حياتك وبعد وفاتك فبين لي بنفسي أنت يا رسول الله من وصيك؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لي وصيا واحدا في حياتي وبعد وفاتي. قلت له:
من هو؟ فقال: إيتيني بحصاة فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه ثم فركها (1) بيده كسحيق الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ختمها بخاتمه فبدا النقش فيها للناظرين ثم أعطانيها وقال: يا أم سليم من استطاع مثل هذا فهو وصيي.
قالت: ثم قال لي: يا أم سليم وصيي من يستغنى بنفسه في جميع حالاته كما أنا مستغن، فنظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد ضرب بيده اليمنى إلى السقف وبيده اليسرى إلى الأرض قائما لا ينحني في حالة واحدة إلى الأرض، ولا يرفع نفسه بطرف قدميه.
قالت: فخرجت فرأيت سلمان يكنف (2) عليا ويلوذ بعقوته دون من سواه من أسرة محمد وصحابته على حداثة من سنه، فقلت في نفسي: هذا سلمان صاحب الكتب الأولى قبلي، صاحب الأوصياء، وعنده من العلم ما لم يبلغني فيوشك أن يكون صاحبي.
فأتيت عليا عليه السلام فقلت: أنت وصي محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم، ما تريدين؟ قلت: وما علامة ذلك؟ فقال: إيتيني بحصاة قالت: فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه ثم فركها بيده فجعلها كسحيق الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ثم ختمها