بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٥ - الصفحة ١٨٦
فلما قدمت ركابنا المدينة أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وخلفت الركاب مع الحي فقلت: يا رسول الله ما من نبي إلا وكان له خليفتان: خليفة يموت قبله، وخليفة يبقى بعده، وكان خليفة موسى في حياته هارون عليه السلام فقبض قبل موسى، ثم كان وصيه بعد موته يوشع بن نون، وكان وصي عيسى عليه السلام في حياته كالب بن يوفنا فتوفي كالب في حياة عيسى، ووصيه بعد وفاته شمعون بن حمون الصفا ابن عمة مريم، وقد نظرت في الكتب الأولى فما وجدت لك إلا وصيا واحدا في حياتك وبعد وفاتك فبين لي بنفسي أنت يا رسول الله من وصيك؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لي وصيا واحدا في حياتي وبعد وفاتي. قلت له:
من هو؟ فقال: إيتيني بحصاة فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه ثم فركها (1) بيده كسحيق الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ختمها بخاتمه فبدا النقش فيها للناظرين ثم أعطانيها وقال: يا أم سليم من استطاع مثل هذا فهو وصيي.
قالت: ثم قال لي: يا أم سليم وصيي من يستغنى بنفسه في جميع حالاته كما أنا مستغن، فنظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد ضرب بيده اليمنى إلى السقف وبيده اليسرى إلى الأرض قائما لا ينحني في حالة واحدة إلى الأرض، ولا يرفع نفسه بطرف قدميه.
قالت: فخرجت فرأيت سلمان يكنف (2) عليا ويلوذ بعقوته دون من سواه من أسرة محمد وصحابته على حداثة من سنه، فقلت في نفسي: هذا سلمان صاحب الكتب الأولى قبلي، صاحب الأوصياء، وعنده من العلم ما لم يبلغني فيوشك أن يكون صاحبي.
فأتيت عليا عليه السلام فقلت: أنت وصي محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم، ما تريدين؟ قلت: وما علامة ذلك؟ فقال: إيتيني بحصاة قالت: فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه ثم فركها بيده فجعلها كسحيق الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ثم ختمها

(1) أي حكها حتى تفتت.
(2) كنف الشئ: صانه وحفظه وحاطه واعانه.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 * أبواب * * خلقهم وطينتهم وأرواحهم صلوات الله عليهم * 1 - باب بدء أرواحهم وطينتهم عليهم السلام وأنهم من نور واحد 1
2 2 - باب أحوال ولادتهم عليهم السلام وانعقاد نطفهم وأحوالهم في الرحم وعند الولادة وبركات ولادتهم عليهم السلام وفيه بعض غرائب علومهم وشؤنهم 36
3 3 - باب الأرواح التي فيهم وأنهم مؤيدون بروح القدس، ونور إنا أنزلناه في ليلة القدر وبيان نزول السورة فيهم عليهم السلام 47
4 4 - باب أحوالهم عليهم السلام في السن 100
5 * أبواب * * علامات الامام وصفاته وشرائطه وما ينبغي أن ينسب اليه * * وما لا ينبغي * 1 - باب أن الأئمة من قريش، وأنه لم سمي الامام اماما 104
6 2 - باب أنه لا يكون إمامان في زمان واحد إلا وأحدهما صامت 105
7 3 - باب عقاب من ادعى الإمامة بغير حق أو رفع راية جور أو أطاع إماما جائرا 110
8 4 - باب جامع في صفات الامام وشرائطه الإمامة 115
9 5 - باب آخر في دلالة الإمامة وما يفرق به بين دعوى المحق والمبطل وفيه قصة حبابة الوالبية وبعض الغرائب 175
10 6 - باب عصمتهم ولزوم عصمة الامام عليهم السلام 191
11 7 - باب معنى آل محمد وأهل بيته وعترته ورهطه وعشيرته وذريته صلوات الله عليهم أجمعين 212
12 8 - باب آخر في أن كل سبب ونسب منقطع إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسببه 246
13 9 - باب أن الأئمة من ذرية الحسين عليهم السلام وأن الإمامة بعده في الأعقاب ولا تكون في أخوين 249
14 10 - باب نفي الغلو في النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم، وبيان معاني التفويض وما لا ينبغي أن ينسب إليهم منها وما ينبغي 261
15 فصل في بيان التفويض ومعانيه 328
16 11 - باب نفي السهو عنهم عليهم السلام 350
17 12 - باب أنه جرى لهم من الفضل والطاعة مثل ما جرى لرسول الله صلى الله عليهم وأنهم في الفضل سواء 352
18 13 - باب غرائب أفعالهم وأحوالهم عليهم السلام ووجوب التسليم لهم في جميع ذلك 364