واسطة بين الدنيا والآخرة، بالنسبة إلى جماعة دار تكليف وبالنسبة إلى جماعة دار جزاء، فكما يجوز اجتماعهم في القيامة لا يبعد اجتماعهم في ذلك الزمان.
الثالث: أن أخبار الرجعة أكثر وأقوى من تلك الأخبار، فلا ينبغي ردها و الاخذ بهذه، ومنهم من يشبه على العوام والجهال فيقول: مع اجتماعهم أيهم يتقدم في الصلاة والحكم والقضاء مع أن القائم عليه السلام هو صاحب العصر؟ والجواب إنا لم نكلف بالعلم بذلك، وليس لنا رد أخبارهم المستفيضة بمحض الاستبعادات الوهمية ونعلم مجملا أنهم يعملون في ذلك وغيره بما أمروا به وهذا القائل لم يعرف أنه لا فرق بين حيهم وميتهم، وأنه ليس بينهم اختلاف وأن كلا منهم إمام أبدا، وأنهم عليهم السلام نواب النبي صلى الله عليه وآله في حياته وبعد وفاته، وأيضا مع اجتماعهم في الزمان لا يلزم اجتماعهم في المكان، مع أنه يحتمل أن يكون اجتماعهم في زمان قليل، وأيضا يحتمل أن يكون رجوعهم عليهم السلام بعد انقضاء زمان حكومة القائم عليه السلام وجهاده وما أمر به منفردا، مع أن هذا الزمان الطويل الذي مضى من زمانه يكفي لما توهمتم.
وأن قلتم: إنه عليه السلام كان مخفيا ولم يكن باسط اليد، فأكثر أئمتنا عليهم السلام كانوا مختفين خائفين غير متمكنين، ثم نقول: قد وردت أخبار مستفيضة في أن النبي.
صلى الله عليه وآله ظهر في مسجد قباء لأبي بكر وأمره برد الحق إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وأنه ظهر أمير المؤمنين وبعض الأئمة عليهم السلام بعد موتهم للامام الذي بعدهم فليزم رد تلك الأخبار أيضا لتلك العلل.
ولو كان عدم العلم بخصوصيات أمر مجوزا لرده لجاز رد المعاد للاختلاف الكثير فيه، وورود الشبه المختلفة في خصوصياته، ولجاز نفي علمه تعالى للاختلاف في خصوصياته، ولجاز نفي علم الأئمة عليهم السلام للاخبار المختلفة في جهات علومهم، وبأمثال هذه تطرقت الشبه والشكوك والرد والانكار في أكثر ضروريات الدين، في زماننا إذ لو كان محض استبعاد الوهم مجوزا لرد الأخبار المستفيضة كانت الشبه القوية التي عجزت عقول أكثر الخلق عن حلها أولى بالتجويز.