بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٤٥
قد أعطى عليا نعله يخصفها، ثم التفت إلينا علي عليه السلام فقال: قال رسول الله: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
قوله: فاستكف أهل مكة، يقال: استكفوا حوله، أي أحاطوا به ينظرون إليه.
أقول: قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " قيل:
المراد بالفتح هنا صلح الحديبية، وكان فتحا بغير قتال، وقال الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين، فسمعوا كلامهم فتمكن الاسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير، وكثر بهم سواد الاسلام (1). وقال الشعبي بويع بالحديبية بيعة الرضوان، واطعم نخيل خيبر، وظهرت الروم على فارس، وفرح المسلمون بظهور أهل الكتاب وهم الروم على المجوس إذ كان فيه مصداق قوله تعالى: " إنهم سيغلبون " (2) وبلغ الهدي محله والحديبية: بئر. وروي أنه نفد ماؤها فظهر فيها من أعلام النبوة ما اشتهرت به الروايات، قال البراء بن عازب: تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع النبي صلى الله عليه وآله أربع عشر مائة، والحديبية: بئر، فنزحناها فما ترك منها قطرة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها وتركها، ثم إنها أصدرتنا نحن وركابنا.
وفي حديث سلمة بن الأكوع إما دعا أو بصق (3) فيها فجاشت فسقينا واستقينا (4).
وعن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن مسور بن مخرمة

(1) المسلمين خ ل.
(2) أي مصداق قوله تعالى: " وهم من بعد غلبهم سيغلبون " راجع سورة الروم: 3.
(3) وإما بزق خ ل. أقول: يوجد ذلك في المصدر.
(4) في المصدر: واسقينا.
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست