جئت لأقضي نسكي، وأنحر بدني، وأخلي بينكم وبين لحماتها (1): فبعثوا عروة ابن مسعود الثقفي وكان عاقلا لبيبا وهو الذي أنزل الله فيه: " وقالوا لولا انزل (2) هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " فلما أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله عظم ذلك (3) وقال: يا محمد تركت قومك وقد ضربوا الأبنية، وأخرجوا العوذ المطافيل يحلفون باللات والعزى لا يدعوك تدخل حرمهم (4) وفيهم عين تطرف، أفتريد أن تبير (5) أهلك وقومك يا محمد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما جئت لحرب وإنما جئت لأقضي نسكي (6) فأنحر بدني وأخلي بينكم (7) وبين لحماتها، فقال عروة: بالله ما رأيت كاليوم أحدا صد عما صددت (8)، فرجع إلى قريش وأخبرهم، فقالت قريش: والله لئن دخل محمد مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترئن علينا العرب، فبعثوا حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو، فلما نظر إليهما رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " ويح قريش قد نهكتهم الحرب، ألا خلوا بيني وبين العرب؟ فإن أك صادقا فإنما أجر الملك (9) إليهم مع النبوة، وإن أك كاذبا كفتهم (10) ذؤبان العرب، لا يسأل اليوم امرأ من قريش خطة ليس لله فيها سخط إلا أجبتهم إليه " قال: فوافوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا محمد إلى أن ننظر إلى ماذا يصير أمرك وامر العرب على أن ترجع من عامك
(٣٤٩)