وستين بدنة وأشعرها عند إحرامه، وأحرموا من ذي الحليفة ملبين (1) بالعمرة، وقد ساق من ساق منهم الهدي معرات (2) مجللات، فلما بلغ قريش ذلك بعثوا خالد ابن الوليد في مائتي فارس كمينا ليستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله فكان (3) يعارضه على الجبال، فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر فأذن بلال وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس، فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم في الصلاة لأصبناهم، فإنهم لا يقطعون صلاتهم، ولكن يجيئ (5) لهم الآن صلاة أخرى أحب إليهم من ضياء أبصارهم، فإذا دخلوا في الصلاة أغرنا عليهم، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله بصلاة الخوف في قوله: " وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة " (6) الآية.
فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله صلى الله عليه وآله الحديبية وهي على طرف الحرم (7)، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يستنفر الاعراب في طريقه معه، فلم يتبعه منهم أحد، ويقولون: أيطمع محمد (8) وأصحابه أن يدخلوا الحرم وقد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم، إنه لا يرجع محمد (9) وأصحابه إلى المدينة أبدا فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله الحديبية خرجت قريش يحلفون باللات والعزى لا يدعون محمدا (10) يدخل مكة وفيهم عين تطرف، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله أني لم آت لحرب وإنما (11)