بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٢٤
سبعون جملا كانوا يتعاقبون عليها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يتعاقبون على جمل لمرثد بن أبي مرثد، وكان في عسكر قريش أربعمائة فرس، وقيل: مائتا فرس، فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال أبو جهل: ما هم إلا اكلة رأس، لو بعثنا إليهم عبيدنا لاخذوهم أخذا باليد، وقال عتبة بن ربيعة: أترى لهم كمينا أو مددا؟ فبعثوا عمر بن وهب الجمحي وكان فارسا شجاعا فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم رجع فقال: ما لهم كمين ولا مدد، ولكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع أما ترونهم خرسا لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الأفاعي، ما لهم ملجأ إلا سيوفهم و ما أراهم يولون حتى يقتلوا، ولا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم، فارتاؤا رأيكم، فقال له أبو جهل: كذبت وجبنت، فأنزل الله سبحانه " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: " يا معاشر قريش إني أكره أن أبدأكم فخلوني والعرب وارجعوا " فقال عتبة: ما رد هذا قوم قط فأفلحوا، ثم ركب جملا له أحمر فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يجول بين العسكرين وينهى عن القتال، فقال صلى الله عليه وآله إن يك عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر، وإن يطيعوه يرشدوا، وخطب عتبة فقال في خطبته: يا معاشر قريش أطيعوني اليوم، واعصوني الدهر، إن محمدا له إل (1) وذمة، وهو ابن عمكم فخلوه والعرب فإن يك صادقا فأنتم أعلى عينا به، وإن يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره، فغاظ أبا جهل قوله وقال له: جبنت وانتفخ سحرك، فقال: يا مصفرا استه (2) مثلي يجبن؟ ستعلم قريش أينا ألام و أجبن، وأينا المفسد لقومه، ولبس درعه وتقدم هو وأخوه شيبة وابنه الوليد، و

(١) الال: العهد. القرابة.
(٢) في النهاية: في حديث بدر قال عتبة لأبي جهل: يا مصفر استه، رماه بالابنة وأنه كان يزعفر استه، وقيل: هي كلمة تقال للمتنعم المترف الذي لم تحنكه التجارب والشدائد، و قيل: أراد يا مضرط نفسه من الصفير، وهو الصوت بالفم والشفتين، كأنه قال: يا ضراط، نسبه إلى الجبن والخور انتهى وزاد ابن الجوزي: وقيل: كان به برص فكان يردعه بالزعفران.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست