بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٣٥
في أعين المؤمنين ليشتد بذلك طمعهم فيهم وجرأتهم عليه، وقلل المؤمنين في أعين المشركين لئلا يتأهبوا لقتالهم، ولا يكترثوا بهم (1) فيظفر بهم المؤمنون، وذلك قوله: " ويقللكم في أعينهم " وقد وردت الرواية عن ابن مسعود أنه قال: قلت لرجل بجنبي: تراهم سبعين رجلا؟ فقال: هم قريب من مائة، وقد روي أن أبا جهل كان يقول: خذوهم بالأيدي أخذا، ولا تقاتلوهم، ومتى قيل: كيف قللهم الله في أعينهم مع رؤيتهم لهم، فالقول أنه يجوز أن يكون ذلك لبعض الأسباب المانعة من الرؤية إما بغبار أو ما شاكله فيتخيلونهم بأعينهم قليلا من غير رؤية عن الصحة لجميعهم، وذلك بلطف من ألطافه تعالى (2) " إذا لقيتم فئة " أي جماعة كافرة " فاثبتوا " لقتالهم " و اذكروا الله كثيرا " مستعينين به على قتالهم (3) " ولا تنازعوا " في لقاء العدو " فتفشلوا " أي فتجبنوا عن عدوكم " وتذهب ريحكم " أي صولتكم وقوتكم أو نصرتكم أو دولتكم وقيل: إن المعنى ريح النصر التي يبعثها الله مع من ينصره على من يخذله، ومنه قوله صلى الله عليه وآله: " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ".
" واصبروا " على قتال الأعداء " إن الله مع الصابرين " بالنصر والمعونة " ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا " أي بطرين، يعني قريشا خرجوا من مكة ليحموا عيرهم فخرجوا معهم بالقيان والمعازف يشربون الخمور، وتعزف عليهم القيان " ورئاء الناس " قيل: إنهم كانوا يدينون بعبادة الأصنام، فلما أظهروا التقرب بذلك إلى الناس كانوا مرائين، وقيل: إنهم وردوا بدرا ليروا الناس أنهم لا يبالون بالمسلمين وفي قلوبهم من الرعب ما فيه، فسمى الله سبحانه ذلك رئاه " ويصدون عن سبيل الله " أي ويمنعون غيرهم عن دين الله " والله بما يعملون محيط " أي عالم بأعمالهم.

(1) أكثرت له: بالى به، يقال: هو لا يكترث لهذا الامر أي لا يعبأ به ولا يباليه.
(2) في المصدر: وذلك لطف من ألطاف الله تعالى.
(3) زاد في المصدر: ومتوقعين النصر من قبله عليهم، وقيل: معناه واذكروا ما وعدكم الله تعالى من النصر على الأعداء في الدنيا والثواب في الآخرة ليدعوكم ذلك إلى الثبات في القتال.
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست