بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٢٧
قال عكرمة: قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله: كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الاسلام قد دخلنا أهل البيت وأسلمت أم الفضل وأسلمت، وكان العباس يهاب قومه ويكره أن يخالفهم وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر، وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، وكذلك صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا، فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا، قال: وكنت: رجلا ضعيفا، وكنت أعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم، فوالله، إني لجالس فيها أنحت القدح وعندي أم الفضل جالسة، و قد سرنا ما جاءنا من الخبر إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجر رجليه حتى جلس على طنب (1) الحجرة، وكان ظهره إلى ظهري، فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وقد قدم، فقال أبو لهب: هلم إلي يا بن أخي فعندك الخبر، فجلس إليه والناس قيام عليه، فقال: يا بن أخي أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال: لا شئ والله إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا و يأسرونا كيف شاؤوا، وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس، لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض ما تليق (2) شيئا ولا يقوم لها شئ، قال أبو رافع: فرفعت طرف الحجرة بيدي ثم قلت: تلك الملائكة، قال: فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة شديدة فثاورته فاحتملني وضرب (3) بي الأرض، ثم برك علي يضربني وكنت رجلا ضعيفا، فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فأخذته فضربته ضربة فلقت رأسه شجة منكرة، وقالت: تستضعفه إن غاب عنه سيده، فقام موليا ذليلا،

(1) الطنب: حبل طويل يشد به سرادق البيت.
(2) قال المصنف في هامش الكتاب: قال الفيروزآبادي: لاق به: لاذ به، ولا يليق بك، لا يعلق، وما يليق درهما من جوده ما يمسكه.
(3) في المصدر: فضرب.
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست