بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٢٩
ونسبه إلى نفسه وليس بفعل له، من حيث كانت أفعاله تعالى كالسبب لهذا الفعل، والمؤدي إليه من إقداره إياهم، ومعونته لهم، وتشجيع قلوبهم، وإلقاء الرعب في قلوب أعدائهم حتى قتلوا " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " ذكر جماعة من المفسرين كابن عباس وغيره أن جبرئيل قال للنبي صلى الله عليه وآله يوم بدر: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لما التقى الجمعان لعلي عليه السلام: أعطني قبضة من حصباء الوادي (1)، فناوله كفا من حصا عليه تراب فرمى به في وجوه القوم و قال: " شاهت الوجوه " فلم يبق مشرك إلا دخل في عينه وفمه ومنخريه منها شئ، ثم ردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم، وكانت تلك الرمية سبب هزيمة القوم، و قال قتادة وأنس: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذ يوم بدر ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم، وحصاة في ميسرة القوم، وحصاة بين أظهرهم، وقال:
" شاهت الوجوه " فانهزموا، فعلى هذا إنما أضاف الرمي إلى نفسه لأنه لا يقدر أحد غيره على مثله فإنه من عجائب المعجزات " وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا " أي ولينعم به عليهم نعمة حسنة، والضمير (2) راجع إلى النصر، أو إليه تعالى " إن الله سميع " لدعائكم " عليم " بأفعالكم وضمائركم " ذلكم " موضعه رفع، والتقدير الامر ذلكم الانعام، أو ذلكم الذي ذكرت " وأن الله موهن كيد الكافرين " بإلقاء الرعب في قلوبهم وتفريق كلمتهم " إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح " فيل: إنه خطاب للمشركين فإن أبا جهل قال يوم بدر حين التقى الفئتان: اللهم أقطعنا للرحم (3)، وآتانا بما لا نعرف، فانصرنا عليه.
وفي حديث أبي حمزة قال أبو جهل: اللهم ربنا ديننا القديم، ودين محمد الحديث، فأي الدينين كان أحب إليك وأرضى عندك فانصر أهله اليوم.
فالمعنى إن تستنصروا لإحدى الفئتين فقد جاءكم النصر، أي نصر محمد وأصحابه،

(1) في المصدر: من حصا الوادي.
(2) في المصدر: والضمير في " منه ".
(3) في نسخة: اللهم ان محمدا اقطعنا للرحم. والمصدر موافق للمتن.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست