بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٢٨
فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة (1) فقتله، ولقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثة ما يدفنانه حتى أنتن في بيته، وكانت قريش تتقي العدسة كما يتقي الناس الطاعون، حتى قال لهما رجل من قريش: ألا تستحيان أن أبا كما قد أنتن في بيته لا تغيبانه؟ فقالا: إنا نخشى هذه القرحة، قال: فانطلقا فأنا معكما فما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يمسونه، ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار و قذفوا عليه الحجارة حتى واروه.
وروى مقسم (2)، عن ابن عباس قال: كان الذي أسر العباس أبا اليسر كعب بن عمرو أخا بني سلمة، وكان أبو اليسر رجلا مجموعا، وكان العباس رجلا جسيما، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي اليسر: كيف أسرت العباس يا أبا اليسر؟
فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده، هيئته كذا وكذا، فقال: لقد أعانك عليه ملك كريم.
" يا أيها الذين آمنوا " قيل: خطاب لأهل بدر، وقيل: عام " إذا لقيتم الذين كفروا زحفا " أي متدانين لقتالكم " فلا تولوهم الادبار " أي فلا تنهزموا " ومن يولهم يومئذ دبره " أي من يجعل ظهره إليهم يوم القتال ووجهه إلى جهة الانهزام " إلا متحرفا لقتال " أي إلا تاركا موقفا إلى موقف آخر أصلح للقتال من الأول " أو متحيزا إلى فئة " أي منحازا منضما إلى جماعة من المسلمين يريدون العود إلى القتال ليستعين بهم " فقد باء بغضب من الله " أي احتمل غضب الله واستحقه، وقيل: رجع (3) به، ثم نفى سبحانه أن يكون المسلمون قتلوا المشركين يوم بدر فقال: " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم " وإنما نفى الفعل عمن هو فعله على الحقيقة

(1) العدسة: بثرة تشبه العدسة تخرج في موضع من الجسد من جنس الطاعون تقتل صاحبها غالبا.
(2) مقسم بكسر أوله، ابن بجرة بالضم فسكون ويقال: نجدة بفتح النون، أبو القاسم مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى ابن عباس للزومه له، مات سنة 101.
(3) في المصدر، وقيل: رجع بغضب من الله.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست