زيه، قال: فحييته بتحية الملك، وقلت له: يا أيها الملك مالي أراك في غير مجلس الملك، وفي غير رياشه، وفى غير زيه؟ فقال: إنا نجد في الإنجيل من أنعم الله عليه بنعمة فليشكر الله، ونجد في الإنجيل أن ليس من الشكر لله شئ يعدله مثل التواضع، وأنه ورد علي في ليلتي هذه أن ابن عمك محمد قد أظفره الله بمشركي أهل بدر، فأحببت أن أشكر الله بما ترى.
11 - أقول قال في المنتقى: من جملة ما كان في السنة الخامسة، الهجرة إلى أرض الحبشة، وذلك أنه لما ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالنبوة لم ينكر عليه قريش، فلما سب آلهتهم أنكروا بالغوا في أذى المسلمين، فأمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالخروج إلى الحبشة، فخرج قوم وستر الباقون إسلامهم، فخرج في الهجرة الأولى أحد عشر رجلا، وأربع نسوة متسللين (1) سرا، فصادف وصولهم إلى البحر سفينتين للتجار فحملوهم فيها (2) إلى أرض الحبشة، وكان مخرجهم في رجب في الخامسة وخرجت قريش في آثارهم ففاتوهم، فأقاموا عند النجاشي آمنين.
فأقاموا شعبان ورمضان وقدموا في شوال فلم يدخل أحد منهم مكة إلا بجوار إلا ابن مسعود فإنه مكث قليلا، ثم رجع إلى أرض الحبشة، فسطت (3)، بهم عشائرهم و آذوهم، فإن لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخروج مرة أخرى إلى أرض الحبشة فخرج خلق كثير.
قال محمد بن إسحاق: جميع من لحق بأرض الحبشة من المسلمين سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم صغارا أو ولدوا بها نيف وثمانون رجلا، ومن النساء إحدى عشرة، فلما سمعوا بمهاجر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا، وثمان نسوة، فمات منهم رجلان بمكة، وحبس منهم سبعة، وشهد بدرا منهم أربعة وعشرون (4).