بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٤١٥
كرام، قال: فأسألهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ فقال: لا مالنا عليكم ديون، قال:
فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بذحول؟ فقال عمرو: لا، قال، فما تريدون منا؟ آذيتمونا فخرجنا من بلادكم، فقال عمرو بن العاص: أيها الملك خالفونا في ديننا، وسبوا آلهتنا، وأفسدوا شباننا، وفرقوا جماعتنا، فردهم إلينا لنجمع أمرنا، فقال جعفر: نعم أيها الملك خالفناهم: بعث الله فينا نبيا أمرنا بخلع الأنداد، وترك الاستقسام بالأزلام، وأمرنا بالصلاة والزكاة، وحرم الظلم والجور وسفك الدماء بغير حقها، والزنا والربا والميتة والدم، وأمرنا بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى، ونهانا عن الفحشاء والمنكر و البغي، فقال النجاشي: بهذا بعث الله عيسى بن مريم عليهما السلام، ثم قال النجاشي: يا جعفر هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا؟ قال: نعم، فقرأ عليه سورة مريم (1)، فلما بلغ إلى قوله: " وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا (2) " فلما سمع النجاشي بهذا بكى بكاء شديدا، وقال: هذا والله هو الحق، وقال عمرو بن العاص: إيها الملك إن هذا مخالف لنا فرده إلينا، فرفع النجاشي يده فضرب بها وجه عمرو، ثم قال: اسكت، والله لئن ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك، فقام عمرو بن العاص من عنده والدماء تسيل على وجهه وهو يقول: إن كان هذا كما تقول أيها الملك فإنا لا نتعرض له، وكانت على رأس النجاشي وصيفة له تذب عنه، فنظرت إلى عمارة بن الوليد وكان فتى جميلا فأحبته، فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة:
لو راسلت (3) جارية الملك، فراسلها فأجابته، فقال عمرو: قل لها: تبعث إليك من طيب الملك شيئا، فقال لها. فبعثت إليه، فأخذ عمرو من ذلك الطيب، وكان الذي فعل به عمارة في قلبه حين ألقاه في البحر، فأدخل الطيب على النجاشي فقال: أيها الملك إن حرمة الملك عندنا وطاعته علينا عظيم، ويلزمنا إذا دخلنا بلاده ونأمن فيه أن لا نغشه ولا نريبه، وإن صاحبي هذا الذي معي قد راسل إلى حرمتك وخدعها وبعثت إليه من طيبك، ثم

(1) السورة: 19.
(2) الآية: 25 و 26.
(3) راسله: بعث إليه رسالة
(٤١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410