بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٤١٣
عليكم ديون، قال: فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها؟ قال عمرو: لا، قال: فما تريدون منا؟ آذيتمونا فخرجنا من دياركم، ثم قال: أيها الملك بعث الله فينا نبيا أمرنا بخلع الأنداد، وترك الاستقسام بالأزلام، وأمرنا بالصلاة والزكاة والعدل والاحسان، و إيتاء ذي القربى ونهانا عن الفحشاء والمنكر والبغي، فقال النجاشي: بهذا بعث الله عيسى (عليه السلام) ثم قال النجاشي لجعفر: هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا؟ قال: نعم، فقرأ سورة مريم (1)، فلما بلغ قوله: " وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا (2) " قال: هذا والله هو الحق، فقال عمرو: إنه مخالف لنا فرده إلينا، فرفع النجاشي يده و ضرب وجه عمرو، وقال: اسكت، والله إن ذكرته بسوء لأفعلن بك، وقال: أرجعوا إلى هذا هديته، وقال لجعفر وأصحابه: امكثوا فإنكم سيوم، والسيوم: الآمنون، وأمر لهم بما يصلحهم من الرزق، فانصرف عمرو وأقام المسلمون هناك بخير دار، وأحسن جوار إلى أن هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلا أمره، وهادن قريشا، وفتح خيبر، فوافى جعفر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجميع من كانوا معه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا أدري أنا بفتح خيبر أسر أم بقدوم جعفر؟ ووافى جعفر وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سبعين رجلا، منهم اثنان و ستون من الحبشة، وثمانية من أهل الشام، فيهم بحيرا الراهب، فقرأ عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) سورة " يس (3) " إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا، وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى (عليه السلام)؟ فأنزل الله فيهم هذه الآيات، وقال مقاتل والكلبي: كانوا أربعين رجلا اثنان وثلاثون من الحبشة (4)، وثمانية روميون من أهل الشام " لتجدن أشد الناس " وصف اليهود والمشركين بأنهم أشد الناس عداوة للمؤمنين، لان اليهود ظاهروا المشركين على المؤمنين، مع أن المؤمنين يؤمنون بنبوة موسى والتوراة التي أتى بها، فكان ينبغي أن يكونوا إلى من وافقهم في الايمان بنبيهم وكتابهم أقرب، وإنما

(1) السورة: 19.
(2) الآية: 25.
(3) السورة: 36.
(4) في المصدر: وثمانية من أهل الشام، وقال عطاء كانوا ثمانين رجلا أربعون من أهل نجران من بنى الحارث بن كعب، واثنان وثلاثون من الحبشة، وثمانية روميون من أهل الشام.
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410