الحبشة (1)، سلام عليك، إني أحمد إليك الله (2) الملك القدوس المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخه، كما خلق آدم بيده ونفخه فيه، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته. وأن تتبعني وتؤمن بي وبالذي جاءني فإني رسول الله، قد بعثت إليكم ابن عمي جعفر بن أبي طالب معه نفر من المسلمين، فإذا جاؤوك فاقرهم (3) ودع التجبر، فإني أدعوك وجيرتك (4) إلى الله تعالى، وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى.
فكتب إليه النجاشي: بسم الله الرحمان الرحيم: إلى محمد رسول الله من النجاشي الاصحم بن أبحر، سلام عليك يا نبي الله من الله (5) ورحمه الله وبركاته، لا إله إلا هو الذي هداني إلى الاسلام، وقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرينا ابن عمك وأصحابه، وأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا (6)، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وقد بعثت إليك يا رسول الله أريحا بن الاصحم بن أبحر، فإني لا أملك إلا نفسي، إن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، إني أشهد أن ما تقول حق.
ثم بعث إلى رسول الله هدايا (7) وبعث إليه بمارية القبطية أم إبراهيم، وبعث إليه بثياب وطيب كثير وفرس، وبعث إليه بثلاثين رجلا من القسيسين لينظروا إلى كلامه