فعلوا ذلك حسدا للنبي (صلى الله عليه وآله) " ولتجدن أقربهم " إلى قوله: " إنا نصارى " يعني النجاشي وأصحابه، أو الذين جاؤوا مع جعفر مسلمين " قسيسين " أي عبادا أو علماء " ورهبانا " أي أصحاب الصوامع " وأنهم لا يستكبرون " عن اتباع الحق والانقياد له " مما عرفوا من الحق " أي لمعرفتهم أن المتلو عليهم كلام الله تعالى وأنه الحق " مع الشاهدين " أي مع محمد وأمته الذين يشهدون بالحق، وقيل: مع الذين يشهدون بالايمان " وما لنا لا نؤمن " معناه لأي عذر لا نؤمن بالله، وهذا جواب لمن قال لهم من قومهم تعنيفا لهم:
لم آمنتم؟ أو عن سؤال مقدر (1).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى " فإنه كان سبب نزولها أنه لما اشتدت قريش في أذى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه الذين آمنوا بمكة قبل الهجرة أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يخرجوا إلى الحبشة، وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم، فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر، فلما بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النجاشي ليردهم إليهم، وكان عمرو وعمارة متعاديين فقالت قريش: كيف نبعث رجلين متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرئت بنوسهم من جناية عمرو بن العاص، فخرج عمارة وكان حسن الوجه شابا مترفا، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه، فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر، فقال عمارة لعمرو بن العاص: قل لأهلك تقبلني، فقال عمرو: أيجوز (2) سبحان الله؟ فسكت عمارة، فلما انتشى عمرو، وكان على صدر السفينة فدفعه عمارة وألقاه في البحر، فتشبث عمرو بصدر السفينة وأدركوه وأخرجوه، فوردوا على النجاشي وقد كانوا حملوا إليه هدايا، فقبلها منهم، فقال عمرو بن العاص: أيها الملك إن قوما منا خالفونا في ديننا، وسبوا آلهتنا، وصاروا إليك فردهم إلينا، فبعث النجاشي إلى جعفر فجاء فقال: يا جعفر ما يقول هؤلاء؟ فقال جعفر: أيها الملك وما يقولون؟ قال:
يسألون أن أردكم إليهم، قال: أيها الملك سلهم أعبيد نحن لهم؟ قال عمرو: لابل أحرار