بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٤١٢
ويعذبونهم، فافتتن من افتتن، وعصم الله منهم من شاء، ومنع الله ورسوله بعمه أبي طالب فلما رأى رسول الله ما بأصحابه ولم يقدر على منعهم ولم يؤمر بعد بالجهاد أمرهم بالخروج إلى أرض الحبشة، وقال: إن بها ملكا صالحا لا يظلم ولا يظلم عنده أحد، فاخرجوا إليه حتى يجعل الله عز وجل للمسلمين فرجا، وأراد به النجاشي واسمه أصحمة (1)، وإنما النجاشي اسم الملك، كقولهم: كسرى وقيصر، فخرج إليها سرا أحد عشر رجلا، و أربع نسوة، وهم عثمان بن عفان، وامرأته رقية بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود، وعبد الرحمان بن عوف، وأبو حذيفة بن عتبة، وامرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو، ومصعب بن عمير، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وامرأته أم سلمة بنت أبي أمية، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة، وامرأته ليلى بنت أبي خيثمة، وحاطب بن عمرو، وسهيل بن بيضاء، فخرجوا إلى البحر وأخذوا سفينة إلى أرض الحبشة بنصف دينار، و ذلك في رجب في السنة الخامسة من مبعث رسول الله، وهذه هي الهجرة الأولى، ثم خرج جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه وتتابع المسلمون إليها، وكان جميع من هاجر من المسلمين إلى الحبشة اثنين وثمانين رجلا سوى النساء والصبيان، فلما علمت قريش بذلك وجهوا عمرو بن العاص وصاحبه عمارة بن الوليد بالهدايا إلى النجاشي وإلى بطارقته (2) ليردوهم إليهم، وكان عمارة بن الوليد شابا حسن الوجه، وأخرج عمرو بن العاص أهله معه، فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر، فقال عمارة لعمرو بن العاص: قل لأهلك: تقبلني، فأبى، فلما انتشى (3) عمرو دفعه عمارة في الماء ونشب (4) عمرو في صدر السفينة وأخرج من الماء، وألقى الله بينهما العداوة في مسيرهما قبل أن يقدما إلى النجاشي، ثم وردا على النجاشي فقال عمرو بن العاص: أيها الملك إن قوما خالفونا في ديننا، وسبوا آلهتنا، وصاروا إليك، فردهم إلينا، فبعث النجاشي إلى جعفر فجاء وقال: أيها الملك سلهم أنحن عبيد لهم؟ فقال: لابل أحرار، فقال: سلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ قال: لا مالنا

(1) زاد في المصدر بعد ذلك: وهو بالحبشية عطية.
(2) البطريق: القائد من قواد الجيش.
(3) أي سكر.
(4) أي علق.
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410