ووزيرا ووصيا ووارثا من أهله، وقد جعل لي وزيرا كما جعل للأنبياء قبلي، وإن الله قد أرسلني إلى الناس كافة، وأنزل علي " وأنذر عشيرتك الأقربين " ورهطك المخلصين، وقد والله أنبأني به وسماه لي، ولكن أمرني أن أدعوكم وأنصح لكم، وأعرض عليكم لئلا يكون لكم الحجة فيما بعد، وأنتم عشيرتي وخالص رهطي، فأيكم يسبق إليها، على أن يؤاخيني في الله ويوازرني في الله جل وعز، ومع ذلك يكون لي يدا على جميع من خالفني فأتخذه وصيا ووليا ووزيرا، يؤدي عني، ويبلغ رسالتي، ويقضي ديني من بعدي وعداتي، مع أشياء اشترطها، فسكتوا فأعادها ثلاث مرات كلها ليسكتون (1) ويثب فيها علي، فلما سمعها أبو لهب، قال: تبا لك يا محمد ولما جئتنا به، ألهذا دعوتنا؟ وهم أن يقوم موليا، فقال: أما والله لتقومن أو يكون في غيركم، وقال: يحرصهم لئلا يكون لاحد منهم فيما بعد حجة، قال: فوثب علي (عليه السلام) فقال: يا رسول الله أنالها، فقال رسول الله: يا أبا الحسن أنت لها، قضي القضاء، وجف القلم (2)، يا علي اصطفاك الله بأولها وجعلك ولي آخرها (3).
بيان: قوله: تمسكنا لعل المعنى أمسكنا عن الكلام متكلفين، قوله: مدفقة، أي ممتلئة ينصب الطعام من أطرافها.
48 - نهج البلاغة: إلى أن بعث الله سبحانه محمدا (4) لانجاز عدته، وتمام نبوته، مأخوذا على النبيين ميثاقه، مشهورة سماته (5)، كريما ميلاده، وأهل الأرض يومئذ ملل متفرقة وأهواء منتشرة، وطرائق (6) متشتتة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره، فهداهم به من الضلالة، وأنقذهم بمكانه من الجهالة، ثم اختار سبحانه لمحمد