بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ١٦٨
لا يلقى أحد منهم النبي (صلى الله عليه وآله) إلا قال: يا ساحر يا ساحر، واشتد عليه ذلك، فأنزل الله تعالى: " يا أيها المدثر " إلى قوله: " إلا قول البشر " عن مجاهد، ويروى أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما انزل عليه " حم تنزيل الكتاب (1) " قام إلى المسجد والوليد بن المغيرة قريب منه يسمع قراءته فلما فطن النبي (صلى الله عليه وآله) لاستماعه لقراءته أعاد قراءة الآية، فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه بني مخزوم فقال: والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الانس ولا من كلام الجن، وإنه له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة (2)، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمعذق، وإنه ليعلو وما يعلى، ثم انصرف إلى منزله فقال قريش: صبأ (3) والله الوليد، والله ليصبأن قريش كلهم، وكان يقال للوليد: ريحانة قريش، فقال لهم أبو جهل:
أنا أكفيكموه، فانطلق فقعد إلى جنب الوليد حزينا، فقال له: مالي أراك حزينا يا ابن أخي؟ قال: هذه قريش يعيبونك على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام محمد، فقام مع أبي جهل حتى أتى مجلس قومه فقال: تزعمون أن محمدا مجنون؟ فهل رأيتموه يخنق قط؟
قالوا: اللهم لا، قال: تزعمون أنه كاهن؟ فهل رأيتم عليه شيئا من ذلك؟ قالوا: اللهم لا، قال: تزعمون أنه شاعر؟ فهل رأيتموه أنه ينطق بشعر قط؟ قالوا: اللهم لا، قال:
تزعمون أنه كذاب؟ فهل جربتم عليه شيئا من الكذب؟ قالوا: اللهم لا، وكان يسمى الصادق الأمين قبل النبوة من صدقه، قالت قريش للوليد: فما هو؟ فتفكر في نفسه ثم نظر وعبس فقال: ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فهو ساحر، وما يقوله سحر يؤثر (4).
أقول: قد مر تفسير الآيات في كتاب الاحتجاج.
ثم قال رحمه الله في قوله: " عليها تسعة عشر ": قالوا لما نزلت هذه الآية قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم أما تسمعون ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار

(١) غافر: ١ و 2.
(2) الطلاوة: بتثليث الطاء: الحسن والبهجة.
(3) صبأ: خرج من دين إلى دين آخر.
(4) مجمع البيان 10: 386 و 387.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410