" كلا " أي حقا " لما يقض ما أمره " من إخلاص عبادته، ولم يؤد حق الله عليه مع كثرة نعمه (1).
وقال في قوله تعالى: " إنه لقول رسول كريم " أي إن القرآن قول رسول كريم على ربه وهو جبرئيل (عليه السلام)، وهو كلام الله أنزله على لسانه، ثم وصف جبرئيل فقال:
" ذي قوة " أي فيما كلف وامر به من العلم والعمل وتبليغ الرسالة، وقيل: ذي قدرة في نفسه " عند ذي العرش مكين " أي متمكن عند الله خالق العرش، رفيع المنزلة عنده " مطاع ثم " أي في السماء تطيعه الملائكة، قالوا: ومن طاعة الملائكة لجبرئيل (عليه السلام) أنه أمر خازن الجنة ليلة المعراج حتى فتح لمحمد (صلى الله عليه وآله) أبوابها فدخلها ورأي ما فيها، وأمر خازن النار ففتح له عنها حتى نظر إليها " أمين " على وحي الله ورسالاته إلى أنبيائه، وفي الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لجبرئيل: ما أحسن ما أثنى عليك ربك: " ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين " فما كانت قوتك؟ وما كانت أمانتك؟ فقال: أما قوتي فإني بعثت إلى مدائن قوم لوط وهي أربع مدائن في كل مدينة أربعمأة ألف مقاتل سوى الذراري فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلاب، ثم هويت بهن فقلبتهن، وأما أمانتي فإني لم أؤمر بشئ فعدوته إلى غيره، ثم خاطب سبحانه جماعة الكفار فقال: " وما صاحبكم " الذي يدعوكم إلى الله " بمجنون " والمجنون: المغطى على عقله حتى لا يدرك الأمور على ما هي عليه " ولقد رآه بالأفق المبين " أي رأي محمد (صلى الله عليه وآله) جبرئيل (عليه السلام) على صورته التي خلقه الله تعالى عليها حيث تطلع الشمس وهو الأفق الاعلى من ناحية المشرق " وما هو على الغيب بضنين " قرأ أهل البصرة غير سهل وابن كثير والكسائي بالظاء والباقون بالضاد، فعلى الأول أي ليس بمتهم فيما يخبر به عن الله، وعلى الثاني أي ليس ببخيل فيما يؤدي عن الله " وما هو بقول شيطان رجيم " أي ليس القرآن بقول شيطان ألقاه إليه، كما قال المشركون: إن الشيطان يلقي إليه كما يلقي إلى الكهنة " فأين تذهبون " فأي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم؟ أو فأين تعدلون عن القرآن؟ " إن هو إلا ذكر للعالمين " أي ما القرآن إلا عظة وتذكرة للخلق