بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ١٧١
" كلا " أي حقا " لما يقض ما أمره " من إخلاص عبادته، ولم يؤد حق الله عليه مع كثرة نعمه (1).
وقال في قوله تعالى: " إنه لقول رسول كريم " أي إن القرآن قول رسول كريم على ربه وهو جبرئيل (عليه السلام)، وهو كلام الله أنزله على لسانه، ثم وصف جبرئيل فقال:
" ذي قوة " أي فيما كلف وامر به من العلم والعمل وتبليغ الرسالة، وقيل: ذي قدرة في نفسه " عند ذي العرش مكين " أي متمكن عند الله خالق العرش، رفيع المنزلة عنده " مطاع ثم " أي في السماء تطيعه الملائكة، قالوا: ومن طاعة الملائكة لجبرئيل (عليه السلام) أنه أمر خازن الجنة ليلة المعراج حتى فتح لمحمد (صلى الله عليه وآله) أبوابها فدخلها ورأي ما فيها، وأمر خازن النار ففتح له عنها حتى نظر إليها " أمين " على وحي الله ورسالاته إلى أنبيائه، وفي الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لجبرئيل: ما أحسن ما أثنى عليك ربك: " ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين " فما كانت قوتك؟ وما كانت أمانتك؟ فقال: أما قوتي فإني بعثت إلى مدائن قوم لوط وهي أربع مدائن في كل مدينة أربعمأة ألف مقاتل سوى الذراري فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلاب، ثم هويت بهن فقلبتهن، وأما أمانتي فإني لم أؤمر بشئ فعدوته إلى غيره، ثم خاطب سبحانه جماعة الكفار فقال: " وما صاحبكم " الذي يدعوكم إلى الله " بمجنون " والمجنون: المغطى على عقله حتى لا يدرك الأمور على ما هي عليه " ولقد رآه بالأفق المبين " أي رأي محمد (صلى الله عليه وآله) جبرئيل (عليه السلام) على صورته التي خلقه الله تعالى عليها حيث تطلع الشمس وهو الأفق الاعلى من ناحية المشرق " وما هو على الغيب بضنين " قرأ أهل البصرة غير سهل وابن كثير والكسائي بالظاء والباقون بالضاد، فعلى الأول أي ليس بمتهم فيما يخبر به عن الله، وعلى الثاني أي ليس ببخيل فيما يؤدي عن الله " وما هو بقول شيطان رجيم " أي ليس القرآن بقول شيطان ألقاه إليه، كما قال المشركون: إن الشيطان يلقي إليه كما يلقي إلى الكهنة " فأين تذهبون " فأي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم؟ أو فأين تعدلون عن القرآن؟ " إن هو إلا ذكر للعالمين " أي ما القرآن إلا عظة وتذكرة للخلق

(1) مجمع البيان 10: 438 و 439.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410