بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ١٧٢
" لمن شاء منكم أن يستقيم " على أمر الله وطاعته (1).
وقال في قوله: " إن الذين أجرموا " يعني كفار قريش ومترفيهم كأبي جهل و الوليد ابن المغيرة والعاص بن وائل وأصحابهم " كانوا من الذين آمنوا " يعني أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) مثل عمار وخباب وبلال وغيرهم " يضحكون " على وجه السخرية بهم و الاستهزاء في دار الدنيا، أو من جدهم في عبادتهم لانكارهم البعث، أو لايهام العوام أن المسلمين على باطل " وإذا مروا " أي المؤمنون " بهم يتغامزون " أي يشير بعضهم إلى بعض بالأعين والحواجب استهزاء بهم، وقيل: نزلت في علي (عليه السلام) وذلك أنه كان في نفر من المسلمين جاءوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا، ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه، فنزلت الآية قبل أن يصل علي (عليه السلام) وأصحابه إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، قوله: " فكهين " أي إذا رجع هؤلاء الكفار إلى أهلهم رجعوا معجبين بما هم فيه يتفكهون بذكرهم " وما أرسلوا عليهم حافظين " أي لم يرسل هؤلاء الكفار حافظين على المؤمنين ما هم عليه، وما كلفوا حفظ أعمالهم (2).
قوله تعالى: " سنقرئك فلا تنسى " قال البيضاوي: أي سنقرئك على لسان جبرئيل أو سنجعلك قارئا بإلهام القراءة فلا تنسى أصلا من قوة الحفظ " إلا ما شاء الله " نسيانه بأن ينسخ تلاوته، وقيل: المراد به القلة، أو نفي النسيان رأسا " إنه يعلم الجهر وما يخفى " ما ظهر من أحوالكم وما بطن، أو جهرك بالقراءة مع جبرئيل وما دعاك إليه من مخافة النسيان فيعلم ما فيه صلاحكم من إبقاء وإنساء " ونيسرك لليسرى " ونعدك للطريقة اليسرى في حفظ الوحي أو التدين، ونوفقك لها، ولهذه النكتة قال: " نيسرك " لا " نيسر لك " عطف على سنقرئك، و " إنه يعلم " اعتراض " فذكر " بعد ما استتب لك الامر " إن نفعت الذكرى " لعل هذه الشرطية إنما جاءت بعد تكرير التذكير وحصول اليأس عن البعض لئلا يتعب نفسه ويتلهف عليهم، أو لذم المذكرين، واستبعاد تأثير الذكرى فيهم، أو للاشعار بأن التذكير إنما يجب إذا ظن نفعه، ولذلك امر بالاعراض عمن تولى

(1) مجمع البيان 10: 345 - 347.
(2) مجمع البيان 10: 456 و 458.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410