بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٦٩
في قلبه الجزع والفزع، وارتعدت فرائصه، ورق قلبه، فأقبل على عبد المطلب حتى أجلسه بجانبه، ورحب به، والتفت إلى الأسود بن مقصود، وقال: أي شئ يطلب هذا الرجل المكي فأقضي حاجته. وقد كان الملك يحلف على هلاكه قبل ذلك، ثم قال له الملك:
من أنت وما اسمك؟ فما رأيت أجمل منك وجها "، ولا أحسن منك بهجة، ولك عندي ما سألت، ولو سألتني الرجوع عن بلدك لفعلت (1)، فقال له عبد المطلب: لا أسألك في شئ من ذلك إلا أن قومك أغاروا علينا، وأخذوا لي ثمانين ناقة، وكنت قد أعددتها للحجاج الذين يقصدوننا من جميع النواحي، فإن رأيت أن تردها علي فافعل، فأمر الملك رجاله بإحضارهن (2)، ثم قال الملك: هل لك من حاجة غيرها فاسألني فيها (3)؟
فقال عبد المطلب: أيها الملك ما أريد غير هذه، فقال له الملك: فلم لا تسألني في بلدك (4) فإني أقسمت لأهدمن كعبتكم، وأقتل رجالكم، لكن لعظم قدرك عندنا لو سألتني فيها قبلت سؤالك (5)، فقال عبد المطلب: لا أسألك في شئ من ذلك، قال: ولم ذلك؟ قال:
إن لها مانعا " يمنعها غيري، فقال الملك: اعلم يا عبد المطلب إني أخرج على أثرك بجنودي ورجالي، فنخرب الكعبة ونواحيها، وأقتل سكانها، فقال له عبد المطلب: إن قدرت فافعل، قال: فانصرف عبد المطلب ومر على الفيل المذموم، فلما نظر الفيل إلى عبد المطلب سجد له، فقام الوزراء والحجاب يلومون الملك في أمر عبد المطلب كيف خلى سبيله، فقال لهم الملك: ويحكم لا تلوموني، ألم تروا كيف سجد له الفيل بين يديه؟ والله لقد وقع لهذا الرجل في قلبي هيبة عظيمة، ولكن أشيروا علي بما يكون من هذا الأمر، فقالوا:
لابد لنا أن نسير إلى مكة فنخربها، ونرمي أحجارها في بحر جدة، فعند ذلك أمر الملك بالجموع والجيوش أن تزحف إلى مكة (6)، ولما وصل عبد المطلب بالنوق إلى

(1) في المصدر: لرجعت. قلت: في الجملة الأخيرة غرابة ظاهرة ينفرد بها.
(2) فاحضروا خ ل.
(3) تسألني فيها خ ل.
(4) في المصدر: لم لم تسألني الرجوع عن بلدك؟
(5) قد عرفت أن فيها غرابة وشذوذ.
(6) أي أن تمشى إلى مكة. وفي المصدر بعد ذلك: قال: (وقدموا الفيل قدامهم وساروا، فلما وصل).
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست