بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٧١
طرقكم، ففرح القوم وتضرعوا إلى الله تعالى، فبينما هم كذلك إذا أشرفت عليهم غبرة القوم (1)، وتقاربت الصفوف، ولاح لهم بريق الأسنة، ثم انكشف الغبار عن الفيل فنظروا إليه كأنه الجبل العظيم، وقد ألبسوه الحديد، وزينوه بزينة، فاشتد قلقهم، وانهملت عبراتهم، وتضرع عبد المطلب ودعا، فوالله ما أتم عبد المطلب دعائه وتضرعه حتى وقف الفيل مكانه فصرخت عليه الفيالة (2)، وزجرته الساسة، فلم يلتفت إليهم، فوقفت الجيوش ودهشوا، فقال الأسود بن مقصود وهو على الساقة: (3) ما الخبر؟ قالوا:
إن الفيل قد وقف، فقال للساسة: اضربوه، فضربوه فما حال ولا زال، فتعجبوا من ذلك، ثم أمرهم أن يعطفوا رأسه ففعلوا فهرول راجعا "، فأمر برده فردوه فوقف، فقال الأسود:
سحروا فيلكم، ثم بعث إلى الملك وأعلمه بذلك، فقال له: أشر علينا، فبعث أبرهة إلى ابن مقصود فقال: ليس من جرب كمن لا يجرب، ابعث للقوم رسولا " (4) واطلب الصلح، ولا تخبرهم بأمر الفيل لئلا يكون طريقا " لطمعهم فيكم، واطلب منهم رجالا بعدد من قتل منا (5)، ويقومون لنا بما أفسدوا من كنيستنا، فإذا فعلوا ذلك رجعنا عنهم، قال: فلما دخل رسوله أبرهة على الأسود وكان اسمه حناطة الحميري (6)، وكان يهزم الجيوش وحده، وكان له خلقة هائلة فقال له الأسود هل لك أن تكون أنت الرسول إليهم؟
فعسى أن يكون الصلح على يديك، فقال حناطة: ها أنا سائر إليهم، فإن صالحونا وإلا

(1) غبرة الفيل والقوم خ ل.
(2) فيالة جمع الفيال: صاحب الفيل وسياسة.
(3) على السيافة خ ل وفي المصدر: على السياسة.
(4) رسولا من عندك خ ل.
(5) فيه غرابة لأنه لم يسبق منهم ذكر مقتول، حتى يطلبون من عبد المطلب قودا، ولم يكن عبد المطلب وقومه يحاربونهم حتى يدعونهم إلى الصلح، وجاء ذكر حناطة يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن مناة بن كنانة في السيرة ابن هشام لكنه ذكر أنه وعبد المطلب وخويلد ابن واثلة ذهبوا إلى أبرهة فعرضوا عليه ثلث أموال تهامة على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم، وقال ابن هشام بعد ذلك: والله أعلم أكان ذلك أم لا.
(6) اليحمرى خ ل.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست