عمه نادى: يا معاشر اليهود، هذا الغلام الذي تخشونه قد خرج معه عمه وما لهما ثالث فاسرعوا إليه واقتلوه، فخرجوا وكان عددهم سبعين فارسا "، فلحقوا بشيبة وعمه، فقال لعمه شيبة: يا عم أنزلني حتى أراك قدرة الله تعالى فأنزله عمه فقصده القوم (1) فجثا على الطريق وجعل يمرغ وجهه في التراب ويدعوا ويقول في دعائه: (يا رب الظلام الغامر، والفلك الدائر (2)، يا رب السبع الطباق، يا مقسم الأرزاق، أسألك بحق الشفيع المشفع، والنور المستودع، أن ترد عنا كيد أعدائنا) فما استتم دعاؤه حتى كادت الخيل تهجم عليهم، فوقفت الخيل، فقال ابن دحية لاطية: يا بن هاشم (3) اصرف عنا هذا الخطاب وكثرة الجواب، فنحن لا نشك فيك يا بن عبد مناف، فأنتم السادات (4)، اعلموا أنا ما خرجنا طالبين كيدكم، ولكن خرجنا كي نردك إلى أمك، فلقد كنت مصباح بلدتنا، فقال شيبة: أراكم تنظرون إلي بعين مغضب، فكيف تكون في قلوبكم المحبة لي؟ لكن لما رأيتم قدرة الله تعالى قلتم: هذا الكلام، وتركهم، وسار إلى عمه، فقال له المطلب:
يا بن أخي إن لك عند الله شأنا "، ثم جعل يقبله، وسارا وسار القوم راجعين، قال لهم لاطية (5):