بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٦٤
من بلدنا، وأنا قد شرطت على أبيه إن رزقت منه ولدا " يكون عندي ولا يفارقني، فقال لها المطلب: كان ذلك، ثم أقبلت على ولدها، وقالت: يا ولدي خرجت مع عمك وتركتني، والآن إن أردت أن ترجع معي فارجع، وإن اخترت عمك فامض راشدا "، فلما سمع كلام أمه أطرق إلى الأرض، فقالت له أمه: يا بني لم تسكت وأنت طلق اللسان، جرئ الجنان؟ فوحق أبيك إني لا أمنعك عن شهوتك، وإن عز علي فراقك يا ولدي، فرفع رأسه وقد سبقته العبرة فقال: يا أماه أخشى مخالفتك لأنه محرم علي عصياني لك، ولكن أحب مجاورة بيت ربي، وأنظر إلى عمومتي وعشيرتي، فإن أمرتني بالمسير سرت وإلا رجعت، فعند ذلك بكت وقالت له: إذا كان كذلك فقد سمحت لك برضى مني، و قد كنت مستأنسة بغرتك (1) فلا تنسني، ولا تقطع أخبارك عني، ثم قبلته وودعته، وقالت: يا بن عبد مناف قد سلمت إليك الوديعة التي استودعنيها أخوك هاشم بالعهد والميثاق، فاحتفظ بها، فإذا بلغ ولدي مبالغ الرجال ولم أكن حاضرة فانظروا بمن تزوجونه، فقال لها المطلب: تكرمت بما فعلت، وأجملت فيما وصفت (2)، ونحن لا ننسى حقك ما حيينا، ثم عطف عليها يودعها فقالت سلمى: خذوا من هذا الثياب والخيل ما تريدون، فشكرها المطلب وأردف ابن أخيه وسارا حتى قربا من مكة فأضاءت شعابها (3) وأنارت الكعبة، فأقبلت الناس ينظرون إليه، وإذا هم بالمطلب يحمل ابن أخيه، فسألوه عنه و قالوا: من هذا يا بن عبد مناف الذي قد أضائت به البلاد؟ فقال لهم المطلب: هذا عبد لي، فقالوا: ما أجمل هذا العبد، فسموه الناس من ذلك عبد المطلب، وأقبل إلى منزله وكتم أمره، وقد عجبت الناس منه ومن نوره وهم لا يعلمون أنه جد رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم إنه ظهرت له (4) آيات ومعجزات ومناقب ودلالات تدل على النبوة (5).

(1) في المصدر: مستأنسة بقربك عمن مضى.
(2) فيما صنعت خ ل.
(3) في المصدر: فقال له المطلب: يا بن أخي انى كاتم أمرك حتى أرقيك في مرتبة أبيك فدخلا مكة وضاءت شعابها.
(4) في المصدر: لعبد المطلب.
(5) هنا تم الجزء الثالث وفي المصدر بعد ذلك: الجزء الرابع من كتاب الأنوار.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست