ابن أخيه شيبة قدامه وأرسل زمامها وسارا، فبينما هما كذلك إذ سمعا صهيل الخيل و قعقعة (1) اللجم وهمهمة الرجال في جوف الليل، فقال المطلب: يا بن أخي دهينا (2) ورب الكعبة فما نصنع؟ قال شيبة: ألم أقل لك إن القوم يلحقون بنا، فانحرف بنا عن الجادة إلى الطريق السفلى، قال المطلب: وكيف يخفى أمرنا عليهم ونورك يدل علينا قال: أستر وجهي (2). فعسى أن يخفى أمرنا عليهم، قال: فأخذ المطلب ثوبا " وطواه ثلاث طيات وستر به وجهه، وإذا بالنور علا من وجهه كما كان، فقال: يا بن أخي إن لك شأنا " عظيما " عند الله، فإن الذي أعطاك هذا النور يصرف عنا (4) كل محذور، قال: فبينا هو يخاطب ابن أخيه إذ أدركتهما الخيل وكانوا من اليهود، فلما رأوا شيبة علموا أنه هو الذي يخرج من ذريته من يسومهم سوء العذاب، ويكون خراب ديارهم على يديه وقد بلغهم (5) في ذلك اليوم أن شيبة قد خرج هو وعمه ولا ثالث لهما فأدركهم الطمع في قتله، فخرجوا وخرج معهم سيد (6) من سادات اليهود يقال له: دحية، وكان له ولد يقال له: لاطية، فخرج يوما " يلعب مع الصبيان فأخذ شيبة عظم بعير وضرب به ابن دحية فهشم رأسه وشجه شجة موضحة (7)، وقال له: يا ابن اليهودية قد قرب أجلك (8)، و دنا خراب دياركم، فبلغ الخبر إلى أبيه دحية فامتلأ غيظا "، فلما علم أنه قد خرج مع
(٥٩)