بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٨٩
أيها الملك الكريم هلم الصبي، قال: هل نشطت لاخذه؟ قالت: قلت: نعم، فخر عبد المطلب ساجدا "، ورفع رأسه إلى السماء وهو يقول: اللهم رب المروة والحطيم، اسعدها بمحمد، ثم مر بين يدي يجر حلته فرحا " حتى دخل بي على آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وآله، فإذا أنا بامرأة ما رأيت في الآدميين أجمل وجها منها، هلالية بدرية، فلما نظرت إلى ضحكت في وجهي، وقالت: ادخلي يا حليمة، فدخلت الدار فأخذت بيدي، فأدخلتني بيتا " كان فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، فإذا أنا به ووجهه كالشمس إذا طلعت في يوم ديجانها (1)، فلما رأيته على هذه الصفة استدر (2) كل عرق في جسدي بالضربان، فناولتني النبي صلى الله عليه وآله، فلما أن وضعته في حجري فتح عينيه لينظر إلى فسطع منهما نور كنور البرق إذا خرج من خلال السحاب فألقمته ثديي الأيمن فشرب منه ساعة، ثم حولته إلى الأيسر فلم يقبله، و جعل يميل إلى اليمنى - فكان ابن عباس يقول: الهم العدل في رضاعه، علم أن له شريكا "، فناصفه عدلا - وكانت الثدي اليمنى تدر لرسول الله صلى الله عليه وآله، والثدي اليسرى تدر لابني، وكان ابني لا يشرب حتى ينظر إلى محمد صلى الله عليه وآله قد شرب، وكنت كثيرا " ما أسبق إلى مسح شفتيه، فكنت أسبق إلى ذلك فنام في حجري، فجعلت أنظر إلى وجهه، فرأيت عينيه مفتوحتين، وهو كالنائم، فلم أتمالك فرحا "، وأخذتني العجلة بالرجوع إلى صاحبي، فلما أن نظر إليه صاحبي لم يتمالك أن قام وسجد، وقال: يا حليمة ما رأيت في الآدميين أجمل وجها " من هذا، قالت: فلما كان في الليل وطاب النوم وهدأت الأصوات انتبهت فإذا به وقد خرج منه نور متلألئ، وإذا أنا برجل قائم عند رأسه عليه ثوب أخضر، فانبهت صاحبي وقلت: ويحك ألا ترى إلى هذا المولود؟ قالت: فرفع رأسه فلما نظر إليه قال لي يا حليمة اكتمي شأنه، فقد أخذت شجرة " كريمة " لا يذهب رسمها أبدا "، قالت: فأقمنا بمكة سبعة أيام بلياليهن ما من يوم إلا وأنا أدخل على آمنة، فلما عزمنا على الخروج دعتني آمنة فقالت: لا تخرجي من بطحاء مكة حتى تعلميني، فإن لي فيك وصايا أوصيك بها، قالت: فبتنا فلما كان في بعض الليل انتبهت لأقضي حاجة، فإذا برجل عليه ثياب خضر

(1) أي في يوم غيوم مظلم.
(2) استدرت العروق: امتلأت دما.
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست