هائل الخلقة، فلما وصل إلى الأغنام فتح فاه وهم أن يهجم عليها، فتقدم إليه محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما نظر إليه الأسد نكس رأسه وولى هاربا " (1)، فعند ذلك تقدم إخوته إليه فقال لهم: ما شأنكم؟ قالوا: لقد خفنا عليك من هذا الأسد، وأنت ما خفت منه وكنت تكلمه، قال: نعم كنت أقول له: لا تعود بقرب هذا الوادي بعد هذا اليوم، فلما كان بعد ذلك رأت حليمة رؤيا " وانتبهت فزعة مرعوبة، وقالت لبعلها: إن سمعت مني أحمل محمدا " إلى جده، فإني أخشى أن يطرقه طارق، فيعظم مصيبتنا عند جده، ولقد رأيت كأن ولدي محمدا " مع إخوته كما كان يخرج كل يوم إذ أتاه رجلان عظيمان لم أر أعظم منهما، عليهما ثياب من إستبرق، وقصداه، فجاءه واحد منهما بخنجر وشق به جوفه، فانتبهت فزعة مرعوبة، والرأي عندي أن تحمله إلى جده، فقال لها: إن الذي تذكرينه في حق محمد ممتنع، فإنه معصوم من الله تعالى (2)، ولقد رأيت الرهبان والأسد وغيره، قالت: نعم، ولكن لكل شئ آخر ونهاية (3)، فكم كبير مات، وصغير عاش (4)، فقال لها: إن منامك الذي رأيتها أضغاث أحلام، ثم لما أصبح الصباح وأراد محمد صلى الله عليه وآله أن يخرج مع إخوته على العادة قالت: لا تخرج اليوم يا قرة عيني، فاني أحب أن تكون معي هذا اليوم حتى أشبع من النظر إليك، فإنك في كل يوم تخرج بكرة ولا تأتي إلا عشية، فقال لها: وكيف ذلك يا أماه وأي شئ خفت علي منه، لا تخافي علي من شئ، فلم يقدر أحد أن يصل إلي بسوء ولا ضر ولا نفع إلا الله ربي، فخرج مع إخوته
(٣٧٨)