بي شئ مما يذكر، إن نفسي سليمة (1)، وإن فؤادي صحيح ليست بي قلبة، فقال أبى وهو زوج ظئري: ألا ترون كلامه صحيحا "؟ إني لأرجو أن لا يكون على ابني بأس، فاتفقوا على أن يذهبوا بي إلى الكاهن، فاحتملوني حتى ذهبوا بي إليه، فقصوا عليه قصتي، فقال: اسكتوا حتى أسمع من الغلام فهو أعلم بأمره منكم، فسألني فقصصت عليه أمري وأنا يومئذ ابن خمس سنين، فلما سمع قولي وثب وقال: يا للعرب اقتلوا هذا الغلام، فهو واللات والعزى لئن عاش ليبدلن دينكم، وليخالفن أمركم، وليأتينكم بما لم تسمعوا به قط، فانتزعتني ظئري من حجره، وقالت: لو علمت (2) أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به (3)، ثم احتملوني، فأصبحت وقد صار في جسدي أثر الشق ما بين صدري إلى منتهى عانتي كأنه الشراك (4).
بيان: أقول: رواه الكازروني في المنتقى بأسانيد (5) ولنشرح بعض ألفاظها: الرضعاء جمع رضيع، وقال الجزري: في حديث حليمة في سنة شهباء أي ذات قحط وجدب، وقال:
القمراء: الشديدة البياض. قولها: راثت من الريث بمعنى الابطاء، وفي أكثر رواياتهم:
ولقد أذمت، قال الجزري: ومنه حديث حليمة فلقد أذمت بالركب، أي حبستهم لانقطاع سيرها، كأنها حملت الناس على ذمها انتهى. والعجف: الهزال. حتى انتهينا ريا أي بلغنا غايته. لقطعت بالركب أي من سرعة سيرها وشدة تقدمها انقطع الركب عنها.