بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٧٩
وهي راعبة عليه، فلما كان وقت القائلة أقبل أولاد حليمة يبكون، فخرجت حليمة تعثر في أذيالها حيث سمعت أولادها يبكون، وحثت التراب (1) على وجهها وشعرها، وشهرت بنفسها، فقالت: ما الذي دهاكم؟ أخبروني، قالوا: خرجنا نحن وأخونا محمد صلى الله عليه وآله وجلسنا تحت شجرة، وإذا قد أقبل عليه رجلان عظيمان لم نر مثلهما، فلما وصلا إلينا أخذا أخانا " محمدا صلى الله عليه وآله من بيننا، ومضيا به إلى أعلى الجبل فأضجعه واحد منهما، وأخذ سكينا "، وشق بطنه، وأخرج قلبه وأمعائه، ولا شك أنك لا تلحقيه إلا هالكا "، فعند ذلك لطمت خدها، وقالت: هذا تأويل رؤياي البارحة، وا أسفي عليك يا محمداه، واجزعي عليك يا ولداه يا قرة عيني، ثم صرخت في الحي وخرجت وخرج بنو سعد كلهم في أثرها، وخرج زوجها الحارث يجر قناته وبيده حربة، فلما أشرفوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وجدوه جالسا "، والأغنام حوله محيطة به، فتبادر القوم إليه ورفعوه وأتوا به وهم يقولون:
كل شئ تلقاه نحن وأولادنا وأموالنا فداك (2)، فجائت إليه حليمة وأخذته وقبلته وهي تبكي بكاء " عظيما "، وكشفت عن بطنه فلم تر أثرا " فيه، ولم تر في أثوابه دما "، فرجعت إلى أولادها وقالت: كيف كذبتم على أخيكم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تلوميهم (3) فإني كنت عندهم إذ أتاني رجلان، وأخذاني وأضجعاني، وأخذ واحد منهما سكينا " فشق بها فؤادي، وأخرج منه نكتة سوداء ورمى بها، وقال لي: هذا حظ الشيطان منك يا محمد، ثم غسلا فؤادي بالماء وأعاداه كما كان، ثم أخرج أحدهما خاتما " يشرق منه النور فختم به فؤادي، ثم مسح على ما شقه فعاد كما كان، ثم قالا (4) لي: يا محمد لو علمت ما لله عليك من السابقة (5) لقرت عيناك، ثم قال أحدهما للاخر: زنه، فوزنني بعشره من أمتي

(1) أي صبته على وجهها.
(2) في المصدر: كل سوء يلقاك يكون في أولادنا يا محمد.
(3) في المصدر: فرجعت إلى أولادها تضربهم بالحجارة وقالت لهم: كيف كذبتم على أخيكم فقال لهم النبي: لا تضربيهم ولا تكذبيهم.
(4) ثم قال خ ل.
(5) من الشفقة خ.
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست