أحشاء بطني فغسلها بذلك الثلج، فأنعم غسلها (1) ثم أعادها مكانها، ثم قام الثاني منهم فقال لصاحبه: تنح، فنحاه عني، ثم أدخل يده في جوفي وأخرج قلبي وأنا أنظر إليه فصدعه، ثم أخرج منه مضغة سوداء فرماها، ثم قال بيده: يمنة منه، وكأنه يتناول شيئا " فإذا في يده خاتم من نور تحار أبصار الناظرين دونه، فختم به قلبي، ثم أعاده مكانه فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا "، ثم قال الثالث لصاحبه: تنح عنه، فأمر يده ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي، فالتأم ذلك الشق، ثم أخذ بيدي فأنهضني من مكاني إنهاضا " لطيفا "، وقال للأول الذي شق بطني: زنه بعشرة من أمته، فوزنني بهم فرجحتهم، فقال: دعوه فلو وزنتموه بأمته كلها لرجحهم، ثم ضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني، وقالوا: يا حبيب (2) لا ترع إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عيناك فبينا أنا كذلك إذا أنا بالحي قد جاؤوا بحذافيرهم، وإذا أمي وهي ظئري أمام الحي تهتف بأعلى صوتها وتقول: يا ضعيفاه، فانكب علي أولئك الرهط فقبلوا رأسي وبين عيني وقالوا: حبذاء أنت من ضعيف، ثم قالت ظئري: يا وحيداه، فانكبوا على وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وبين عيني ثم قالوا: حبذا أنت من وحيد، وما أنت بوحيد، إن الله وملائكته معك والمؤمنين من أهل الأرض، ثم قالت ظئري: يا يتيماه استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك، فانكبوا علي وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني وقالوا: حبذا أنت من يتيم، ما أكرمك على الله، لو تعلم ما يراد بك من الخير، قال: فوصل الحي إلى شفير الوادي فلما بصرت بي أمي وهي ظئري قالت: يا بنى لا أراك حيا بعد (3)، فجاءت حتى انكبت علي وضمتني إلى صدرها، فوالذي نفسي بيده إني لفي حجرها قد ضمتني إليها وإن يدي لفي يد بعضهم، فجعلت ألتفت إليهم وظننت أن القوم يبصرونهم، فإذا هم لا يبصرونهم، فيقول بعض القوم: إن هذا الغلام قد أصابه لمم أو طائف من الجن، فانطلقوا به إلى كاهن بني فلان حتى ينظر إليه ويداويه، فقلت: ما
(٣٦٧)