محمد أرخ إزارك، فجعلت أرفع رأسي فلا أرى شيئا " إلا أني أسمع الصوت، فتماسكت لم ارخه، فكأن إنسانا " ضربني على ظهري فخررت لوجهي وانحل إزاري وسقط (1) التراب إلى الأرض، فقمت إلى دار أبي طالب عمي ولم أعد.
فأما حديث مجاورته صلى الله عليه وآله بحراء فمشهور، وقد ورد في الكتب الصحاح أنه كان يجاور في حراء من كل سنة شهرا "، وكان يطعم في ذلك الشهر من جاءه من المساكين، فإذا قضى جواره من حراء كان أول ما يبدؤ به إذا انصرف أن يأتي باب الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعا " أو ما شاء الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته حتى جاءت السنة التي أكرمه الله تعالى فيها بالرسالة فجاور في حراء في شهر رمضان ومعه أهله خديجة و علي بن أبي طالب وخادم لهم، فجاءه جبرئيل بالرسالة، قال صلى الله عليه وآله: جاءني وأنا نائم بنمط (2) فيه كتاب فقال: اقرأ، قلت: ما أقرأ؟ ففتني (3) حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال:
(اقرأ باسم ربك الذي خلق) إلى قوله: (علم الانسان ما لم يعلم) فقرأته ثم انصرف عني، فهببت (4) من نومي، وكأنما كتب في قلبي كتاب، وذكر تمام الحديث.
وأما حديث إن الاسلام لم يجتمع عليه بيت واحد يومئذ إلا النبي وهو (5) عليهما السلام وخديجة فخبر عفيف الكندي مشهور (6)، وقد ذكرناه من قبل، وأن أبا طالب قال له: أتدري من هذا؟ قال: لا، قال: هذا محمد (7) بن عبد الله بن عبد المطلب، وهذا ابني علي بن أبي طالب، وهذه المرأة خلفهما خديجة بنت خويلد زوجة محمدا بن أخي، وأيم الله ما أعلم على الأرض كلها أحدا " على هذا الذين غير هؤلاء الثلاثة (8).