إنهم كانوا مائة رجل، ويقال: بل كانوا أربعين، ثم نزل على أبي أيوب الأنصاري، فأقام عنده سبعة أيام، ثم بنى المسجد فكان يبنيه بنفسه، ويبني معه المهاجرون والأنصار، ثم بنى البيوت، وكان يصلي حين قدم المدينة ركعتين ركعتين، فأمر بإتمام أربع للمقيم وذلك في يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الثاني بعد مقدمه بشهر (1).
20 - أقول: قال أبو الحسن البكري في كتاب الأنوار: حدثنا أشياخنا وأسلافنا الرواة لهذه الأحاديث أنه كان من عادة أهل مكة إذا تم للمولود سبعة (2) أيام التمسوا له مرضعة ترضعه، فذكر الناس لعبد المطلب انظر (3) لابنك مرضعة ترضعه، فتطاولت النساء لرضاعته وتربيته، وكانت آمنة يوما " نائمة إلى جانب ولدها فهتف بها هاتف (4):
يا آمنة إن أردت مرضعة لابنك ففي نساء بني سعد امرأة تسمى حليمة بنت أبي ذؤيب، فتطاولت آمنة إلى ذلك، وكان كلما أتتها من النساء تسألهن عن أسمائهن فلم تسمع بذكر حليمة بنت أبي ذؤيب، وكان سبب تحريك حليمة لرضاعة رسول الله صلى الله عليه وآله أن البلاد التي تلي مكة أصابها قحط وجدب إلا مكة، فإنها كانت مخصبة زاهرة ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله، وكانت العرب تدخل (5) وتنزل بنواحيها من كل مكان، فخرجت حليمة مع نساء من بني سعد (6)، قالت حليمة: كنا نبقي اليوم واليومين لا نقتات فيه (7) بشئ، وكنا قد شاركنا المواشي في مراعيها، فكنت ذات ليلة بين النوم واليقظة وإذا قد أتاني آت ورماني في نهر ماء أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وقال لي: اشربي فشربت،