ويحك يا بنت أبي ذؤيب اربعي (1) علينا، أليس هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟
فأقول لهن: بلى والله، إنها لهي، فيقلن: والله إن لها لشأنا "، قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضا " من أرض العرب أجدب منها، فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا به معنا شباعا ملاء لبنا (2)، فكنا نحتلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع حتى أن الحاضر من قومنا ليقولون لرعاتهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي ابنة أبي ذؤيب، فيفعلون فيروح أغنامهم جياعا " ما تبض بقطرة، وتروح غنمي شباعا لبنا "، فلم نزل نعرف من الله الزيادة والخير به حتى مضت سنتاه وفصلته (3)، فكان يشب شبابا " لا يشبه الغلمان حتى كان غلاما " جفرا فقدمنا به على أمه آمنة بنت وهب ونحن أحرص شئ على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته، فكلمنا أمه وقلنا لها: لو تركتيه (4) عندنا حتى يغلظ فإنا نخشى عليه وباء مكة، فلم نزل بها حتى ردته معنا فرجعنا به إلى بلاد بني سعد، فوالله إنه لبعد ما قدمنا بأشهر مع أخيه في بهم لنا خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشد (5) فقال لي ولأبيه: ها هو ذاك أخي القرشي قد جاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه وشقا بطنه فهما يسوطانه، قالت: فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه فوجدناه قائما " منتقعا " وجهه، فالتزمته والتزمه أبوه وقلنا: مالك يا بني؟
قال: جائني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني، ثم شقا بطني، فالتمسا فيه شيئا " لا أدري ما هو، قالت: فرجعنا به إلى خبائنا، وقال لي أبوه: يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب (6) فألحقيه بأهله (7)، قالت: فاحتملته حتى قدمت به على أمه، فقالت: ما أقدمك به يا ظئر (8) وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك؟ فقلت لها: قد