أيها السيد رد يدك على وجهي ثانية، ففعل أبو طالب، فلما حس (1) سطيح بيد أبي طالب تنفس الصعداء، وأن كمدا " (2) وقال: يا أبا طالب خذ بيد أخيك عبد الله (3) فقد ظهر سعدكما، فأبشرا بعلو مجدكما، فالغصنان من شجرتكما، محمد لأخيك، وعلي لك، فبهت أبو طالب من كلامه، وشاع في قريش ما قاله سطيح، فعند ذلك قال أبو جهل لعنه الله: معاشر الناس من قريش ليس هذه (4) بأول حادثة نزلت بنا من بني هاشم، فقد سمعتم من سطيح من ظهور هذا الرجل الذي يفسد أدياننا، ومن يشاركه من ولد أبي طالب، فبينا هم كذلك إذ جاء أبو طالب ووقف وسط الناس ونادى بأعلى صوته: يا معاشر قريش اصرفوا عن قلوبكم الطيش، (5) ولا تنكروا ما سمعتم، فنحن بالقدمة أولى، وعلى (6) يدنا نبعت زمزم، والله ما سطيح بكاذب، بل إنه (7) في كلامه لصائب، وما نطق بكلمة إلا ظهر برهانها، أليس هو القائل لكم بأنه يطلع عليكم (8) سيف لا يترك منكم أحدا " في بلد اليمن، فلم يكن إلا كرقدة النائم (9)، وإذا قد ظهر ما قال، وعن قليل سيظهر ما ذكر على رغم من يعاديه، ثم إن أبا طالب أمر بسطيح أن يرفع إلى منزله فأكرمه وحباه وقربه، وخلع عليه وكساه، وباتت مكة تموج تلك الليلة، فلما برق الصباح فأول
(٣٠٨)