وسيدها، وكان قديما " ورد على أبيكم وأخبره بمولود يخرج من ظهره، مبارك في عمره، يملك الأقطار، ويدعو إلى عبادة الملك الجبار (1)، فساروا إليه، وقال لهم:
أنكروه أنسابكم، ولا تعرفن (2) أحسابكم، ثم إن أبا طالب سار في إخوته حتى وردوا إليه، وكان في ظل الكعبة جالسا "، والناس حوله (3)، فلما نظر إليهم فرح بهم، ثم دفع أبو طالب سيفه ورمحه إلى غلامه وقال (4): هذه هدية مني إلى سطيح، فإنه لواجب الحق علينا، ثم انحرف إليه من قبل أن يخبره غلامه، فلما وصل إليه قال: حييت (5) بالكرامة، وخلدت في النعمة، فإنا قد أتيناك زائرين، ولواجب حقك غير منكرين (6)، فقال سطيح: حييتم بالسلام، وأتحفتم بالانعام، فمن أي العرب أنتم؟
فأراد أبو طالب أن يعلم مقدار علمه، قال: نحن قوم من بني جمح، فقال سطيح: ادن مني أيها الشيخ وضع يدك على وجهي، فإن لي في ذلك حاجة، فدنا منه، ووضع يده على وجهه، فقال سطيح: وعلام الاسرار، المحتجب عن الابصار، الغافر للخطيئة، وكاشف البلية إنك صاحب الذمم الرفيعة، والأخلاق المرضية، والمسلم إلى غلامي الهدية: قناة خطية، وصفيحة (7) هندية، وإنكم لأشرف البرية، وإن لك ولأخيك أشرف الذرية، وإنك ومن أتى معك من سلالة هاشم الأخيار، وإنك لاشك عم نبي المختار، المنعوت في الكتب والاخبار، فلا تكتم نسبك فإني عارف بنسبكم، فتعجب أبو طالب من كلامه وقال له:
يا شيخ لقد صدقت في المقال، وأحسنت الخصال فنريد أن تخبرنا بما يكون في زماننا،