بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣١١
ولكن ليس لمثلك أن يسمع ما قاله كاهن، وأنت تعلم أنهم أوعية الشيطان، يأتون بالكذب والبهتان، فلعلك أن تصيره (1) إلينا ولعله يظهر شيئا " مما قاله، فإن النبوة لها دلائل وآثار، لا تخفى على العاقل، فأمر أبو طالب أن يحضر سطيح، فلما وضعوه على الأرض نادى سطيح: يا معاشر قريش لقد أكثرتم الاختلاف، وزادت قلوبكم بالارتجاف (2)، بذيتم بألسنتكم على آل عبد مناف، تكذبونه فيما نطق، وتلومونه إذا صدق (3)، وقد أرسلتم إلي تسألوني عن الحال الظاهر، وعن أمر النبي الطاهر، صاحب البرهان، وقاصم الأوثان، ومذل الكهان، وأيم الله ما فرحنا بظهوره، لان الكهانة عند ولادته تزول، ولكني أقول: إذا كان ذلك فلا خير لسطيح في الحياة، وعندها يتمنى الوفاة، فإنه قد قرب (4)، فأتوني بأمهاتكم ونسائكم لترون العجب العجيب، الذي ليس فيه تكذيب، حتى أوقفكم هذه الساعة، وأعرفكم أيتهن الحامل به، فقالوا له: أتعلم الغيب؟ قال: لا، ولكن لي صاحب من الجن يخبرني ويسترق السمع، ثم إن القوم افترقوا إلى منازلهم، وأتوا بنسائهم، ولم تبق واحدة من النساء إلا جاؤوا بها، فأقبل أبو طالب وقال لأخيه: أمسك زوجك ولا تحضرها، وأمسك هو زوجته فاطمة رضي الله عنها وأقبلت النسوان جمع، فنظر إليهن، ثم قال اعزلوا النساء عن الرجال، ثم أمر النساء أن يتقدمن إليه، فجعل سطيح ينظر إليهن بعينه ولا يتكلم، قالوا له: خرس لسانك، وخاب ظنك، فقال: والله ما خاب ظني، ورفع رأسه وطرفه إلى السماء، وقال: وحق الحرمين لقد تركتم من نسائكم اثنتين، الواحدة منهن الحامل بالمولود الهادي إلى الرشاد محمد، والأخرى ستحمل عن قريب، وتلد غلاما أمينا " يدعى بأمير المؤمنين، وسيد الوصيين، ووارث علوم الأنبياء والمرسلين، فلما سمع العرب منه ذلك دهشوا وخابوا، وانطلق أبو طالب إلى منزله وعنده إخوته، وأتى بزوجته فاطمة بنت أسد، وآمنة زوجة أخيه عبد الله، فلما وصلتا بجمع الناس (5) من النساء صاح سطيح بأعلى صوته،

(1) في المصدر تحضره. وفيه: ولعله يظهر شيئا نستدل به على صدقه.
(2) في قلوبكم الارتجاف خ ل قلت: بذى عليه: تكلم بالفحش.
(3) في المصدر: تكذبوه فيما صدق، وتلومونه فيما نطق.
(4) في المصدر: مولده عن قريب يكون.
(5) إلى مجمع النساء خ ل.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست