نعل يخصفه تارة "، وتارة " يلوح بكتف البعير، فلما سمعوا كلامها أعرضوا عنها وقال بعضهم لبعض: إن الزرقاء قد خرفت، وتغير نظرها، فهل رأيتم شجرا " يسير، ورجلا " يلوح بكتف بعير؟، إن هذا وسواس (1) وجنون قد عارضها، فلما سمعت منهم ذلك أغلقت صومعتها، وكان لا يقدر عليها أحد قط، فلم يلبثوا بعد ذلك إلا قليلا حتى كبسوا اليمامة، وهدموا البنيان، وسبوا النسوان، وقتلوا الرجال، وأخذوا الأموال، ثم ولوا راجعين، فوقع بقومها الندامة، وأعقبتهم الملامة حيث لم يسمعوا منها وخالفوها.
ثم إن سطيحا " كتب إليها كتابا " يقول فيه: باسمك اللهم من سطيح، صاحب القول الفصيح (2)، إلى فتاة اليمامة، المنعوتة بالشهامة (3) من سطيح الغساني، الذي ليس له في عصره ثاني، أما بعد فإني كتبت إليك كتابي وأنا في هموم وسكرات، وغموم و خطرات، وقد تعلمين ما الذي يحل بنا من الدمار (4) والهلاك، من خروج التهامي الهاشمي الأبطحي العربي المكي المدني السفاك للدماء، وقد رأيت برقة لمعت، و كواكبا " سطعت (5) وإني أظن أن ذلك من علاماته، ولا شك أنه قرب أوانه، وما كتبت إليك إلا بما أرى عندك من التحصيل، وما في نساء عصرنا لك من مثيل، فإذا ورد رسولي إليك وقدم كتابي عليك ردي جوابي بما عندك من الخطاب، وما ترينه من الصواب، فإنه لا يقر لي قرار، لا في الليل ولا في النهار، ولم أقف (6) على هذه الدلائل والآثار والسلام.
ثم دعا بغلام له اسمه صبيح، وقال له: سر بهذا الكتاب إلى اليمامة (7)، وأتني