" درجات مما عملوا " أي على مراتبهم ومقادير أعمالهم، فدرجات الأبرار في عليين، ودرجات الفجار دركات في سجين، وقيل: معناه: لكل مطيع درجات ثواب وإن تفاضلوا في مقاديرها.
وفي قوله: " ولا تستعجل لهم ": أي العذاب لأنه كائن واقع بهم عن قريب " كأنهم يوم يرون ما يوعدون " أي من العذاب في الآخرة " لم يلبثوا " في الدنيا " إلا ساعة من نهار " أي إذا عاينوا العذاب صار طول لبثهم في الدنيا والبرزخ كأنه ساعة من النهار، لان ما مضى كأن لم يكن وإن كان طويلا.
وفي قوله: " ذلك " أي ذلك الرد الذي يقولون " رجع بعيد " أي رد بعيد عن الأوهام، وإعادة بعيدة عن الكون، والمعنى: أنه لا يكون ذلك لأنه غير ممكن. ثم قال سبحانه: " قد علمنا ما تنقص الأرض منهم " أي ما تأكل الأرض من لحومهم ودمائهم، وتبليه من عظامهم فلا يتعذر علينا ردهم " وعندنا كتاب حفيظ " أي حافظ لعدتهم وأسمائهم وهو اللوح المحفوظ لا يشذ عنه شئ، وقيل: " حفيظ " أي محفوظ عن البلى والدروس وهو كتاب الحفظة الذين يكتبون أعمالهم: " بل كذبوا بالحق لما جائهم " والحق هو القرآن، وقيل: هو الرسول " فهم في أمر مريج " أي مختلط، فمرة قالوا:
مجنون وتارة قالوا: ساحر، وتارة قالوا: شاعر، فتحيروا في أمره لجهلهم بحاله.
قوله: " من فروج " أي شقوق وفتوق: وقيل: معناه: ليس فيها تفاوت واختلاف. قوله تعالى: " من كل زوج بهيج " أي من كل صنف حسن المنظر. وقوله: " وحب الحصيد " أي حب البر والشعير وكل ما يحصد " والنخل باسقات " أي طويلات عاليات " لها طلع نضيد " أي نضد بعضه على بعض. وفي قوله: " أفعيينا بالخلق الأول " أي أفعجزنا حين خلقناهم أولا ولم يكونوا شيئا، فكيف نعجز عن بعثهم وإعادتهم؟ " بل هم في لبس من خلق جديد " أي بل هم في ضلال وشك من إعادة الخلق جديدا.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " والذاريات ذروا ": يعني الرياح تذر والتراب أو غيره، أو النساء الولودات فإنهن يذرين الأولاد، أو الأسباب التي تذري الخلائق من الملائكة وغيرهم " فالحاملات وقرا " فالسحب الحاملة للأمطار، أو الرياح الحاملة