الفصل " بين الخلائق، والحكم وتمييز الحق من الباطل، وهذا كلام بعضهم لبعض، و قيل: بل هو كلام الملائكة، وفي قوله تعالى: " خاشعة " أي غبراء دارسة متهشمة أي كان حالها حال الخاضع المتواضع، وقيل: ميتة يابسة لا نبات فيها. وفي قوله: " ولئن رجعت إلى ربي ": أي لست على يقين من البعث فإن كان الامر على ذلك ورددت إلى ربي " إن لي عنده " الحالة " الحسنى " أو المنزلة الحسنى وهي الجنة سيعطيني في الآخرة مثل ما أعطاني في الدنيا. وفي قوله تعالى: " إن الذين يمارون ": أي يدخلهم المرية والشك " في الساعة " فيخاصمون في مجيئها على وجه الانكار لها.
وفي قوله: " نموت ونحيا ": قال فيه أقوال: أحدها أن تقديره: نحيا ونموت فقدم وأخر. والثاني: أن معناه نموت وتحيا أولادنا. والثالث: يموت بعضنا ويحيا بعضنا.
أقول: وقال البيضاوي: أي نكون أمواتا نطفا وما قبلها ونحيا بعد ذلك، ويحتمل أنهم أرادوا به التناسخ فإنه عقيدة أكثر عبدة الأوثان " وما يهلكنا إلا الدهر " أي مرور الزمان.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " إ أن قالوا ائتوا بآبائنا ": وإنما لم يجبهم الله تعالى إلى ذلك لأنهم قالوا ذلك متعنتين مقترحين لا طالبين الرشد. وفي قوله:
" وإذا حشر الناس ": أي إذا قامت القيامة صارت آلهتهم التي عبدوها أعداءا لهم " وكانوا بعبادتهم كافرين " يعني أن الأوثان ينطقهم الله حتى يجحدوا أن يكونوا دعوا إلى عبادتها و يكفروا بعبادة الكفار لهم. وفي قوله: " وقد خلت القرون من قبلي ": أي مضت الأمم وماتوا قبلي فما أخرجوا ولا أعيدوا، وقيل: معناه: خلت القرون على هذا المذهب ينكرون البعث " وهما يستغيثان الله " أي يستصرخان الله ويطلبان منه الغوث ليلطف له بما يؤمن عنده، ويقولان له: ويلك آمن بالقيامة وبما يقوله محمد صلى الله عليه وآله، " إن وعد الله " بالبعث والنشور والثواب والعقاب " حق فيقول " في جوابهما " ما هذا " القرآن وما تدعونني إليه " إلا أساطير الأولين أولئك الذين حق عليهم القول " أي كلمة العذاب " في أمم " أي مع أمم مضوا على مثل حالهم واعتقادهم " ولكل " من المؤمنين والكافرين