بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٢٣
أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون " إلى غير ذلك فكذا ههنا قال: " من يحيي العظام وهي رميم " على طريق الاستبعاد، فبدأ أولا بإبطال استبعادهم بقوله: " نسي خلقه " أي أنسى أنا خلقناه من تراب ومن نطفة متشابهة الاجزاء، ثم جعلنا لهم من النواصي إلى الاقدام أعضاءا مختلفة الصور والقوام، وما اكتفينا بذلك حتى أودعناهم ما ليس من قبيل هذه الاجرام، وهو النطق والعقل اللذين بهما استحقوا الاكرام، فإن كانوا يقنعون بمجرد الاستبعاد فهلا يستبعدون إعادة النطق والعقل إلى محل كانا فيه؟
ثم إن استبعادهم كان من جهة ما في المعاد من التفتت والتفرق حيث قالوا: من يحيي العظام وهي رميم؟ اختاروا العظم للذكر لأنه أبعد عن الحياة للعدم الاحساس فيه، ووصفوه بما يقوي جانب الاستبعاد من البلى والتفتت، والله تعالى دفع استبعادهم من جهة ما في المعيد من العلم والقدرة فقال: " ضرب لنا مثلا " أي جعل قدرتنا كقدرتهم " ونسي خلقه " العجيب وبدأه الغريب. ومنهم من ذكر شبهة وإن كان آخرها يعود إلى مجرد الاستبعاد وهي على وجهين:
أحدهما أنه بعد العدم لم يبق شئ فكيف يصح على العدم الحكم بالوجود؟
وأجاب عن هذه الشبهة بقوله تعالى: " الذي أنشأها أول مرة " يعني كما خلق الانسان ولم يكن شيئا مذكورا كذلك يعيده وإن لم يكن شيئا مذكورا.
وثانيهما أن من تفرق أجزاؤه في مشارق الأرض ومغاربها وصار بعضه في أبدان السباع وبعضه في جدران الرباع كيف يجمع؟ وأبعد من هذا هو أن إنسانا إذا أكل إنسانا وصار أجزاء المأكول في أجزاء الآكل فإن أعيد فأجزاء المأكول إما أن تعاد إلى بدن الآكل فلا يبقى للمأكول أجزاء يخلق منها أعضاء، وإما أن يعاد إلى بدن المأكول منه فلا يبقى للآكل أجزاء، فقال تعالى في إبطال هذه الشبهة: " وهو بكل خلق عليم " ووجهه أن في الآكل أجزاء أصلية وأجزاء فضلية، وفي المأكول كذلك، فإذا أكل إنسان إنسانا صار الأصلي من أجزاء المأكول فضليا من أجزاء الآكل، والاجزاء الأصلية للآكل هي ما كان له قبل الاكل، والله بكل شئ عليم يعلم الأصلي من الفضلي، فيجمع الأجزاء الأصلية للآكل وينفخ فيها روحه، ويجمع الأجزاء الأصلية للمأكول و
(٢٣)
مفاتيح البحث: الضرب (1)، الأكل (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326