تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد " إلى آخر السورة، ثم مشى أبي بن خلف بعظم رميم ففته في يده ثم نفخه وقال: أتزعم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى؟! فأنزل الله تعالى " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " إلى آخر السورة.
3 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام في خبر طويل يذكر فيه قصة بخت نصر أنه لما قتل ما قتل من بني إسرائيل خرج إرميا على حمار ومعه تين قد تزوده وشئ من عصير، فنظر إلى سباع البر وسباع البحر وسباع الجو تأكل تلك الجيف ففكر في نفسه ساعة ثم قال:
أنى يحيي الله هؤلاء وقد أكلتهم السباع؟ (1) فأماته الله مكانه وهو قول الله تبارك وتعالى:
" أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه " أي أحياه، فلما رحم الله بني إسرائيل وأهلك بخت نصر رد بني إسرائيل إلى الدنيا، وكان عزير لما سلط الله بخت نصر على بني إسرائيل هرب ودخل في عين وغاب فيها وبقي إرميا ميتا مائة سنة ثم أحياه الله، فأول ما أحيا منه عينيه (2) في مثل غرقئ البيض فنظر، فأوحى الله تعالى إليه: كم لبثت؟ قال: لبثت يوما، ثم نظر إلى الشمس قد ارتفعت فقال: أو بعض يوم، فقال الله تبارك وتعالى: " بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه " أي لم يتغير " وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما " فجعل ينظر إلى العظام البالية المنفطرة تجتمع إليه، وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من ههنا و ههنا ويلتزق بها حتى قام وقام حماره فقال: " أعلم أن الله على كل شئ قدير ". " ص 80 " بيان: الغرقئ كزبرج: القشرة الملتزقة ببياض البيض، أو البياض الذي يؤكل.
وقال الطبرسي رحمه الله: " أو كالذي مر " أي أو هل رأيت كالذي مر على قرية؟ وهو عزير، عن قتادة وعكرمة والسدي وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام، وقيل: هو إرميا عن وهب وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام، وقيل: هو الخضر عن ابن إسحاق، والقرية التي مر عليها هي بيت المقدس لما خربه بخت نصر، وقيل: هي الأرض المقدسة،